بثينة العيسى هي واحدة من أشهر الكتاب المعاصرين وقد خلقت لنفسها عالمًا ومكانة كبيرة بين الكتاب الكويتيين خاصة والعرب عامة.
قرأت لها مؤخرًا رواية حارس سطح العالم فأبهرني خيالها ولكن أكثر ما أبهرني أن خيالها قد صنع رواية عن نبذ الخيال!
العالم في رواية حارس سطح العالم هو عالم سطحي لا يمكن الدخول لأعماقه فليس له أعماق ولا يمكن لأحد فيه أن يتخيل شيئًا غير موجودًا في الواقع أو يكتب رواية خيالية.
"ابق على سطح اللغة" هكذا قالت بثينة في عالمها السوداوي الذي يشبه عالم 1984 حيث تتحكم الحكومة في كل شيء حتى العقول ومن يتخيل أو يقرأ الكتب الخيالية فمصيره السجن أو الحرق ووجهة نظرهم أن الخيال يؤدي للطموح والثورات والدمار فأما إن كان الواقع الذي أمامنا هو كل شيء فلا مفر.
ولا عذاب أيضًا فإن لم يعرف السجين بوجود حياة خلف السجن وإن لم يتخيل السماء فلن يعرف أبدًا ما ينقصه. وكذلك إن لم يعرف الإنسان أن هناك عوالم أخرى يمكن أن يعيشها وأماكن يمكن أن يزورها وأفكار يمكن أن يؤمن بها ويناقشها فهو سجين عقله قبل أن يكون سجين الزنزانة.
قد تسألونني ولكن لو منعنا الكبار عن الخيال فكيف نمنع الأطفال الذي يتخيلون أكثر ما يواجهون الواقع؟ وكيف نحرمهم من أصدقائهم الخياليين وقصص ما قبل النوم؟ لا تقلقوا فقد تكفلت بثينة بالأمر أيضًا فجميع قصص الأطفال تم حرقها من وقت بعيد وأي طفل يظهر علامات هذا المرض أو يتحدث عن أشياء خيالية فمصيره المصحة حيث يتم إعادة تأهيله وانتزاع الخيال منه.
وهناك أيضًا وزارة كاملة تعمل على تنقيح كل الكتب من الخيال وترك الكتب غير الخيالية فقط والتي لا تنافي المنطق والآداب العامة واتجاهات الحكومة!
في عالم كهذا ينطلق بطل الرواية وهو رقيب على الكتب في الوزارة التي تحدثت عنها ولديه ابنته المريضة
بمرض الخيال!
صدمتني الرواية كثيرًا وجعلتني أخاف أن نصل لعالم مشابه في المستقبل وأنا هنا أتساءل لماذا يخاف الدكتاتوريون من الخيال؟ وهل يمكن للحياة أن تستمر بدونه؟
التعليقات