بعد الانتهاء من هذا السلم الذي يجعل الصاعد عليه يشعر بالفخامة عندما يضع قدميه عليه، هناك باب خشبي كبير مزخرف كأنه تحفة فنية تبهر الناظر إليها بجواره جرس ذهبي اللون فوضع راشد سبابته عليه وظل يضغط عليه ويتركه ثم يضغط ويتركه ويكرر ذلك كثيرًا وهو يبتسم، وكأنه يريد أن يخبر الجميع أنه بالخارج مع عروسه الجميلة، ففتحت الباب فتاة يبدو من ملابسها أنها تعمل في خدمة تلك العائلة التي لازالت في انتظار رؤيتهم.
دخل راشد بصحبة حبيبته والتي حاولت أن لا تنظر لما تقابله من تحف وأثاث قد يجن عقلها من شدة فخامته والذي سيجعلها تفقد تركيزها في مقابلة أفراد العائلة أنفسهم، ثم دخلا إلى مكان لا تستطيع أن تسميه تلك الفقيرة حجرة، بل هو مكان مخصص لتجمع العائلة والتي كانت في انتظارها وعندما وقع عليها أعين الجالسين ذكروا الله بالتكبير من شدة جمالها.
رحب الجميع بتلك الجميلة التي نشرت أشعتها قبل دخولها عليهم، كما رحبت بهم بابتسامتها التي تمتزج بالحياء والرهبة معًا، وتقدمت امرأة متوسطة الطول وأيضًا الوزن نحوها وقبلتها على جبينها ومسكت بذراعها لتجلسها على مقعد في وسط مجلسهم الذي تجمعوا فيه لاستقبالها والتي عرفت بعد ذلك أنها أم حبيبها فلا يبدو على هيئتها سوى أخته التي تكبره بعام أو اثنين من شدة اهتمامها براشقتها وزينتها.
أرادت عينا شموس أن تتفقد ما حولها من أثاث وتحف قد لفتت انتباهها ولكن أخجلها حضورهم فقد كانت تنظر أسفل قدميها طيلة الوقت عدا اللحظات التي كانوا يتشاركون معها الحوار، لم تعرف شموس أحدًا من الجالسين أمامها؟ حتى أنها لم ترى راشد فكأنه اختفى للحظات وعندما جاء وقف خلف كل شخص في مكان جلوسه ليعرفه لحبيبته فقد علم أنها مازلت لم تعرف أحدًا منهم إلى الآن سوى أمه التي قد استقبلتها.
وقف راشد خلف جده والتي علمت شموس أنه الجد قبل أن يقدمه فقال: هذا جدي المستشار خالد كمال وبعد ذلك تحرك خطوتين وقال: هذه جدتي الدكتورة نادية هاشم عميد كلية الطب سابقًا، ثم تحرك إلى جانبه خلف امرأة أخرى من المفترض أن عمرها فوق الخمسين لكن يبدو أن نساء تلك العائلة الثرية لا يكبرون في أعمارهن ومال على رأسها وقبلها وقال: هذه عمتي الدكتورة سمية أستاذ بقسم الباطنة بمستشفى عين شمس، وأثناء تقديمه لعمته، نزلت فتاة جميلة على سلم طويل عليه سجادة حمراء مقسمة على درجاته كأنه لوحة فنية كانت تلك الفتاة تركض على درجات السلم في دلال، ترتدي ثوبًا لم تره شموس على أجساد هؤلاء اللاتي كانت تعتقد أنهن ثريات قبل مجيئها إلى هذا القصر، وكأن أصابعها التي اعتادت على رسم كل ثوب جميل تقابله قد سحرها هذا الثوب حيث كانت تجلس وتضع يداها على فخذيها وفجأة تحركت أصابعها وكأنها ترسم ذلك الثوب الذي وقعت عيناها عليه فكانت الإشارة من العين للأصابع أن ترسم هذا الثوب، وكأن شموس غابت عن واقعها لحظة رؤية تلك الفتاة بثوبها الأنيق والذي استعادته حين أكمل حديثه وهو يشير بسبابته عليها في مزاح: وهذه أميرتنا الصغيرة دنيا في عامها الثاني من الثانوية العامة، أما أميرتنا الكبيرة غادة فهي تخرجت من كلية الطب العام الماضي.