قد يفهم عدد قليل من الحالمين البديهيين الحساسيين ويستوعبون "يوليسيس"، المجلد الضخم الجديد لجيمس جويس، دون المرور بدورة تدريبية أو تعليمات، لكن القارئ الذكي العادي سوف يستخلص القليل منه أو لا يستخلص منه شيئًا. أمّا القارئ اليقظ والمثابر سيحصل في النهاية على بعض الفهم لرسالة السيد جويس.

إن السيد جويس يسعى لإخبار العالم بالأشخاص الذين التقى بهم في الأربعين عامًا من الوجود الواعي؛ لوصف سلوكهم وكلامهم ولتحليل دوافعهم، وربط تأثير "العالم" الدنيء المضطرب، غير المنضبط مع الجو الضار الذي يولده الكحول السائد في بلده. كان ذو وعي عاطفي، عبقري متمركز حول الذات، ويعتبر أن التحليل الذاتي هو تحويله الرئيسي ومتعته الشديدة. وكانت مهنته المهمة طوال حياته هي الاحتفاظ بدفتر ملاحظات ثم تسجيل الأحداث فيه وسماع الكلام بدقة تصوير وإخلاص.

على الرغم من أن المونولوج الداخلي فعل بنّاء للعقل البشري وأداة لاكتشاف معرفة جديدة واتخاذ القرارات. إلى جانب المشاعر مثل الفرح، والغضب، والخوف. إلّا أن الوعي الحسي هو أحد الجوانب القليلة لمعالجة المعلومات والأنشطة العقلية الأخرى التي يمكن للإنسان أن يدركها بشكل مباشر. فالخطاب الداخلي بارز جدًا في الإدراك البشري للأداء العقلي لدرجة أنه غالبًا ما يبدو مرادفًا لـ "العقل". ومن ثم فإن وجهة النظر هي أن "العقل" يعني "ما يختبره المرء عند التفكير في الأشياء"، وأن "التفكير في الأمور" يعتقد أنه يتكون فقط من الكلمات التي يتم سماعها في الخطاب الداخلي.

لكن السيد جويس لم يحجب فكرة الفطرة السليمة للعقل، وأن العقل يعالج باستمرار جميع أنواع المعلومات دون مستوى الوعي، أو إعادة تسمية هذا النشاط إلى حالة "غير عقلية" مفترضة مثل "رد الفعل المنعكس" أو حتى، في بعض الأحيان "حيازة الشيطان".

علاوة على ذلك، فهو مصمم على سردها بطريقة جديدة. ليس بطريقة سردية مباشرة، مع تسلسل معين للفكرة، والحقيقة، والوقوع، في الجملة والعبارة والفقرة التي يمكن أن يفهمها شخص من التعليم والثقافة. ولكن في المحاكاة الساخرة للنثر الكلاسيكي والعامية الحالية، يوجد انحرافات الأدب المقدس، في نثر تم قياسه بعناية مع عدم تناسق مدروس، في رموز غامضة وصوفية بحيث لا يفهمها سوى المبتدئين وذوي الدراية العميقة. 

عند قراءة الرواية للمرة الأولى نجد هناك تناقض بارز في التفريق بين المونولوج الداخلي والوعي، ولكن بعد السير قدمًا نجد أن الفكرة الأساسية للسيد جويس كانت تعتمد اعتمادً آخر على مفهوم المونولوج الداخلي وفقًا للماضي الخاص به. 

والسؤال هنا: كيف تعتقد أنه إلى أي مدى يمكن التعامل مع المونولوج الداخلي وسيل الوعي؟