لا يزال البخل داء الماضي والحاضر، وإن كنا نتحمل عيوبا ونقائص كثيرة من الآخرين، لكننا لنتحمل هذا الأمر فعلينا بذل الشيء الكثير! لقد صار البخلاء حديث الأدباء في أدبهم، والعامة في مجالسهم؛ حتى كثرت فيهم النكات والضحكات!

كنت أسمع قصصا كثيرة حول هذا الداء الكريه، وكنت أظنها مبالغات الراوي، حتى وقفت على كتاب البخلاء للجاحظ فوجدت فيه العجب العجاب، من ذلك حديثه عن أهل مرو إذا جاءهم الضيف، يقول:

"إذا جاء أحدَهم ضيفٌ وطال جلوسه، قال له: تغديت اليوم؟ فإن قال نعم، قال: لولا أنك تغديت لغديتك بغداء طيب، وإن قال: لا، قال: لو كنت تغديت لسقيتك خمسة أقداح. فلا يصير في يده على الوجهين قليل ولا كثير!"

ومثل هذا في الكتاب كثير، ومن أراد زيادة العجب والضحك، فعليه بالكتاب.

لكن العجيب أكثر أن بعض الأدباء والمفكرين الذين ابتلوا بالبخل، كتبوا يدافعون عن البخل! ومن ذلك سهل بن هارون في رسالته، فتراه يمدح البخل كأنه الجود، والشح كأنه الكرم!

لقد وصل الحد بالبخيل إلى أن يناظر بالباطل، ويلوي عنق الحقائق... مهما سمع البخيل من ذم البخل لا يهتم ولا يبالي! مهما رأى من آثار البخل المدمرة لا يتعظ ولا يرجع!

من هنا، نسأل: هل البخل مرض نفسي يحتاج إلى طبيب، أم أنه خلق ذميم يحتاج إلى ترويض النفس؟

ماذا لو أحب أحدنا شخصا ثم تبين له أنه بخيل، هل يبقى الحب، أم أن البخل قاتلٌ ذلك الحب؟

وماذا لو لم نعرف هذا العيب الخطير إلا بعد ارتباط حقيقي بالزواج، هل تستمر العلاقة، أم أن البخل قاطع لكل موصول؟ تساؤلات كثيرة ، ارغب الاجابة بها من خلال ارائكم أو تجاربكم