في هذه النشرة سأصطحبك معي من خلال ما (أقرا وأسمع) حاليا في هذه الفترة. 📚📖🎧
فما أقرأه حاليا: 📚
دائما ما أكن كثيرا من الإعجاب للسير الذاتية، أشعر بحماس منقطع النظير من أول صفحة للكتاب وصولا لنهاية آخر صفحة فيه، كنت ولا زلت أقول هي أفضل الكتب التي تحكي لك الواقع دون زيف وذلك بعدم الإغراق في التفاؤل، أو التشاؤمية البحتة، سبق وأن كتبت عن أحد أفضل السير الذاتية التي كنت قد قرأتها لطه حسين -عميد الأدب العربي- بعنوان (مقتطفات من كتاب الأيام لطه حسين).
خلال هذه الأيام وصلت لمنتصف كتاب السيرة الذاتية لجلال أحمد أمين بعنوان (ماذا علمتني الحياة)، من المضحك أن أقول لك بأني وعن غير قصد وضعته في سلة الشراء بدلا من كتاب أبيه أحمد أمين (حياتي) وذلك لاختلاط الإسمين عليّ قبل عملية الشراء، ولكن ذلك لم يعد عليّ بكثير الندم، فلقد كانت الأحداث سريعة مع جلال أمين الابن، واستمتعت أيما إستمتاع به حتى اللحظة.
يجلال أحمد هو الطفل الثالث من اليمين، أما والده أحمد أمين فهو الأب الظاهر في الصورة وممسكا بكتفي ابنه الأصغر جلال أحمد
استوقفتني صورة الكتاب كثيرا، وقد كنت أتساءل من هم هؤلاء الذين في الصورة، وكم أعمارهم اليوم؟ لم ألبث كثيرا حتى قفزت إلى آخر جزء من الكتاب في استعراض ألبوم الصور والذي عرفني فيه جلال على عائلته الذين في الصورة.
الكاتب جلال في بداية كتابه يستعرض كل شئ يحدث في طفولته، أن يحكي بالتفصيل عن جميع أفراد أسرته (الظاهرون في الصورة أعلاه) بالإضافة لذلك عن والدته، وذلك بشكل صريح وجريئ ربما، عن علاقة والده بوالدته، والتي شابها الكثير من البرود، الأب الذي ضاق ذرعا بآخر العنقود من الابناء جلال (كاتب الكتاب) وذلك في أن يجبر والدته على إسقاط الجنين تحت يد طبيب إيطالي يقع في مدينة بعيدة، ولا يمكنك الذهاب له سوى بالقطار، تطيع الزوجة ولي أمرها على مضض، ويقوم الزوج بشراء تذكرته للصعود للقطار، وتأكد بأنه أيضا يملك تذكرتين الأولى له في (مقصورة الرجال) والأخرى لزوجته في (مقصورة النساء) يركب الزوج أحمد القطار، بعدما لم يشك ولو للحظة في أن تتخلف زوجته عن الرحلة، يصل أحمد لوجهته التالية في مدينة الطبيب الإيطالي، ليكتشف لاحقا بأن زوجته قد تحايلت عليه، وأضربت عن الركوب في القطار، معلنا بذلك الأب استسلامه، ويكتب لصاحب كتاب (ماذا علمتني الحياة)فرصة للعيش.
"إن كتابا في السيرة الذاتية لا يمكن أن يصبح محلا للثقة إلا إذا كشف بعض الأشياء التي تشين صاحبها"
- جورج أورويل-
ما لفت نظري في الكتاب هي الفترة ما بعد الملك فاروق في مصر، والتي تلتها في السلطة محمد نجيب والذي صعد للرئاسة بمباركة الإخوان المسلمين كما يقول الكاتب، تلتها الستينات وذلك في الانقلاب العسكري الذي قام به عبدالناصر من ثم الدعوة لاحقا بحلم القومية العربية (الناصرية) والتي كانت مؤثرة جدا في تلك الفترة، فقد اتسع نطاق تأثيرها العالم العربي لأن اجتماع دولتين مثل (مصر وسوريا) كدولة واحدة، ولغة واحدة، ودين واحد، هي النتيجة الحتمية لإزالة إسرائيل من الخارطة وقيام إمبراطورية عربية آنذاك، (أو كما كان يُظن أو يشاع خلال تلك الفترة)، لم تطل تلك الفترة حتى توفي عبدالناصر ليأتي من بعده أنور السادات، والذي كان نائبا لعبدالناصر، تتوالى الأحداث بعد ذلك بحرب سيناء و ٦ أكتوبر، وعن قصة أغتيال السادات بعدما طبع مع إسرائيل فاتحا لها البحر والجو، يخلفه حسني مبارك ونعرف بقيتنا باقي القصة في الربيع العربي وما تلته من أحداث.
جلال أحمد أمين كان مبتعثا لدراسة الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد، والذي كان متيما جدا بالفكرة الاشتراكية، ومستميتا جدا في الدفاع عنها، يتأرجح بك في الاربعينات، والخمسينات، والستينات، والسبعينات، وصولا بالثمانينات الميلادية، وهو يحكي قصة مراهق متحمس شاب، ثم بعد ذلك بالغا ومتأثرا بالحضارة البريطانية، ومولاعا بفكرة الاشتراكية، ومواطنا محاربا من رجالات الحكومة، ومحاضرا في الجامعة كان قد ضُيّق الخناق عليه داخل مصر وخارجها.
في أواخر السبعينات يحكي بحرقة شديدة الأوضاع في مصر مع السادات، وكيف أن رواية جورج اورويل الخالدة ١٩٨٤ م قد خففت عنه كثيرا من الاحزان، وذلك في تفاصيلها وحكاية أبطالها في الرواية والتي تروي بتفصيل مخيف ما يحدث في مصر آنذاك، قبل أن يخبرني الكاتب جلال بقراءته للرواية، كنت قد تساءلت في نفسي وذلك عن تشابه أحداث ما يقوله جلال برواية جوروج أورويل ١٩٨٤م، لم ألبث طويلا إلا وذكرها الكاتب مصيبا إياي بالدهشة وذلك لتوافق ما طرأ بذهني وما قام به خلال تلك الفترة مما عزز لدى فكرة التكرار الزمني للأحداث بصورة غريبة جدا!
يقول جلال أمين في كتابه بعد محاضرة انتقد فيها الفترة الناصرية بعد عمر الثلاثين، وقد سمع كلامه كثير من الشبان المتعصبين للناصرية آنذاك قائلا:
"هل هناك أي أمل حقيقي في أن ينقل أي جيل تجربته للجيل الذي يليه؟ أم أن من المحتم على كل جيل أم يمّر بالتجربة بنفسه، وأن يستخلص كل جيل بنفسه ما يستطيع استخلاصه من تجربته هو، دون أي أمل في أن يحصل على أي مساعدة من الأجيال السابقة؟"
-جلال أمين-
القومية العربية في تلك الفترة كانت قوية كفاية لمجتمع عربي كامل، فالأديب والوزير غازي القصيبي ذكر في أحد أشهر وأجمل كتبه (شقة الحرية) عن مجموعة من الشبان الذي يعيشون في مصر للدراسة ومتوافقين أيضا بعهد الفترة الناصرية، مع تأثر بعضهم بجماعة الأخوان المسلمين، مع بعض الشخصيات المغرقة في اللذة وعدم الاكتراث بأي شئ يحدث سياسيا، الكتاب والذي من خلال شخصياته يسقط إسقاطات حقيقة عن واقع الشباب العربي في ذلك الوقت، ليكون بعد ذلك التأثير إقليميا وعالميا.
————————————-
ما أسمعه حاليا: 🎧
بودكاست سوالف بزنيس واحد من أعظم الدروس التي ستأخذك في جولات مختلفة من تجارب الفشل والنجاح لرواد الأعمال، في الحلقة والتي بعنوان (الخلطة السرية للإمتياز التجاري) مستضيفا فيها أحمد التميمي، الشريك المؤسس والمشارك لكل من (قطوف وحلا، وكيان) يخبرك كيف كانت بدايته في التجارة وهو الموظف في شركة مرموقة في شركة سابك، منتقلا بعدها للعمل الحر، بداية بالتمر والذي كان يحضره من القصيم ثم بإفتتاح المحل الأول للأسر المنتجة، منطلقا بعدها بالامتياز التجاري واصلا لأكثر من ٢٠٠ فرع حول المملكة، وبمدخولات سنوية تجاوزت (مئات الملايين من الريالات) في هذه الحلقة يخبرك في درس عملي عظيم عن كيفية تطبيق الامتياز التجاري، وثقافة الأثر المتعدي والذي يشمل مجموعة من التجار ليكون الجيع فيها فائزون وليست حكرا على فرد واحد فقط، حلقة رائعة أوصي فيها بشدة.
التعليقات