ربما قد يكون الكثير منا قد قرأ هذه الرواية أو حتى سمع عنها من أحد أصدقائه أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي نظراً لما أحرزته من شهرة واسعة في عالم الروايات العربية، فهذه الرواية للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي، التي كتبت الكثير من الروايات التي تعد إبداعاً أدبياً من حيث الأسلوب والمحتوى .

هذه الرواية بعدد صفحات 331 صفحة بطلتها فنانة جزائرية من الأوراس في السابعة والعشرين من عمرها، يتعرف عليها ثري لبناني يدعى هشام ويقع في حب هذه الحسناء التي ترتدي الأسود حداداً على مقتل والدها وشقيقها خلال أحداث التي مرت بها الجزائر مطلع القرن الحالي.

لن أتناول محتوى الرواية كاملاً ولكن ما أعجبني فيها هو اقتباس واحد أرغب في مناقشته وهو يقول:

" قرأت يومًا إن راحة القلب في العمل، وأنّ السعادة هي أن تكون مشغولًا إلى حدّ لا تنتبه أنّك تعيس."

فقد دار في عقلي كم أن العمل فعلاً راحة للقلب من هموم الدنيا ومكدراتها، كيف لا ونحن نجد في العمل مهرب من كل مشكلة يستعصي علينا ايجاد حلول لها، أو أي أمرٍ محزن تكاد الدموع تنذرف كلما مررنا بوقت فراغ وزار ذاكرتنا؟!

كما أنني أرى أن حالة الفراغ طويل المدى تصيبنا بالملل والاكتئاب فنشعر بأنه ليس لدينا ما نفعله أو ما نسد به حاجتنا في التفريغ عن أنفسنا، فلا إبداع ولا إنجاز وأي فائدة تُذكر سوى التحديق في سقف الغرفة أو مراقبة عقارب الساعة البطيئة، أرى أن الفراغ هو رفيق كل الأفكار السلبية والشيطانية التي قد تسيطر على المرء وتجعله يكره نفسه ويكره ذاته ويحاول التخلص منها .

نعم، هذا حقيقي فهناك الكثير من ضحايا الفراغ الطويل أنهوا حياتهم انتحاراً نتيجة سيطرة أوهامهم الخطيرة وأفكارهم السلبية على عقولهم و طرقت التعاسة أبوابهم كلها ودخلت قلوبهم من أوسع أبوابها، شعروا أنهم بلا فائدة وبلا وزن وأن وجودهم ليس إلا عدداً يزيد من سكان الكرة الأرضية فقط .

أما العمل، فهو عبادة كما شاع في الأقوال المأثورة، بالعمل تتجدد الأرواح وتزدهر الأفكار وتضيء العقول ببصيص الأمل، لن يكن هناك مجال للحزن أو مجرد التفكير فيه، فالعقل يصب تركيزه على إنجاز المهمات الموكلة إليه في إصرار وعزيمة، والحواس مشدودة في تركيز عميق، فما الذي سوف يذكر المرء بتعاسته الحقيقية، لن يكن هناك ما ينعش الذاكرة أو يفتح الباب أمام الأفكار التعيسة، سنشعر بالسعادة والنشوة وأننا رقماً يُحدث فارقاً عظيماً ويترك أثراً كبيراً في أي مكان خاصةً إن كان هذا العمل محبب إلينا.

لذلك أن انشغل بنفسي خيرٌ ألف مرة من أن أنشغل بها، لأن الانشغال بالنفس يؤرق العين ويتعب القلب ، والانشغال بها راحةٌ من كل همٍ وكدر .

وأنتم ما رأيكم في هذا الاقتباس؟ هل يعتبر العمل فعلاً راحة للقلب؟ وهل يستطيع الإنسان أن ينسى تعاسته بأن يُبقي نفسه مشغولا؟