الكثير من الأشياء يحصل عليها الإنسان دون تفكير أو تعب ومع الوقت تتحول إلى حق مكتسب وربما نعمة مألوفة لا تستوجب شكر أصحابها ويزيد الأمر فنبدأ في رفض جزء منها والتأفف منه.

لكن كيف يكون الأمر إذا كان هذا الأمر متمثلًا في الحب والرعاية والاهتمام وكيف يمكن لنا أن نعتاد مشاعر مثل هذه فلا نقدرها ولا نشكر أصحابها عليها.

كانت صدمتي الأولى لإمكانية حدوث ذلك وخاصة إن كانت تلك المشاعر من الأم عندما قرأت رواية (أرجوك اعتن بأمي ) وهي رواية اجتماعية مليئة بالمشاعر وهي من أجمل ما قرأت على الإطلاق.

وتتناول فكرة الأم و وجودها وتقديرها وقيمة ما تمنحه لنا من حب ورعاية واهتمام.

تبدأ الرواية بأن يفقد الأب زوجته في محطة القطار عندما يسبقها إلى القطار ويهملها وفجأة لا يجدها.

فيبدأ الأبناء الخمسة في البحث عن الأم كشخص في البداية ويتطور الأمر لأن يبحثوا عن تفاصيلها الصغيرة تلك التى كانت تمنح حياتهم طعمها وكانوا لا يشعرون بذلك.

فيدركون أنهم لم يعرفوا أمهم حقًا لم يعرفوا ما تحب وما تكره لم يعرفوا بمرضها و تعبها و ألمها.

وأن كل اهتمامهم كان ينصب على أنفسهم بل وكانوا يتذمرون باهتمامها بتفاصيلهم الصغيرة التي يتمنوا أن تعود الآن وتهتم بجزء يسير منها .

كيف أصبح كأس الشاي في الفطور بدون طلب كنز و دفء من الشتاء وكيف أن الملابس النظيفة دائمًا راحة وسؤال كيف حالك، من نفس تحبك حقًا، طمأنينة.

انتهيت من هذه الرواية وأنا أتسائل هل أنا أعتنِ بأمي ؟

- متى آخر مرة حادثتها لأطمئن عليها لا لأطلب أمرًا ؟

- هل أقول لها شكرًا على ما تفعله وأقدره حقًا ؟

- كم مرة تذمرت من طلب بسيط قد يكون ذا قيمة بالنسبة لها ؟

وأنتم متى آخر مرة فعلتم ذلك؟