"مقال كتبناه على موقع أمنيات برس".

إن كنت كاتبًا هاويًا وتطمح إلى نشر كتابك، فبالتأكيد أنك تعرضت لكثير من المواقف التي أحبطتك والتي سببها دور النشر العربية. فدعنا نقول لك أولًا أن الحق ليس عليك، ولنضعك في دائرة الضوء لتفهم الواقع أكثر.

إن دور نشر الكتاب في العالم العربي منقسمة إلى ثلاث فئات، الفئة الأولى هي دور النشر التي تنشر على حسابها، والفئة الثانية هي دور النشر التي تتقاسم التكاليف مع المؤلف، والفئة الثالثة وهي دور النشر التي تجعلك تدفع كل التكاليف. وثلاثتها معا تعمل على تحطيم آمالك في نشر كتابك.

1- دور النشر التي تنشر الكتب على حسابها

هذا النوع من الدور منتشر كثيرًا في العالم العربي، وإن كان أكثر انتشارًا في الماضي مقارنة بالحاضر لأسباب مادية تعود إلى ضعف المردودية.

تتبنى هذه السياسة عادة دور النشر الحديثة النشأة بغية جلب الجمهور إليها ونشر عدد لا بأس به من الكتب، وتكون الأرباح التي يتحصل عليها الكاتب لا تتعدى في أحسن الأحوال 12 بالمائة. وكنتيجة للحاجة الملحة إلى نشر كتب ما، نجد أن هذه الدور تقبل أي كتاب يصلها مهما كان سيئًا، فتنشر في السوق أسوأ الكتب والقصص وبأسوأ جودة ممكنة.

وإن كان هذا لا يكفي، أي الخيار السيء للكتب المنشورة، فإن الأسوأ أنها وفي السنوات الأخيرة أي منذ قرابة الخمس سنين، أصبحت هذه الدور تلجأ إلى نشر روايات الرعب والدماء وحتى أن بعض من هذه الدور حصرت كتبها في هذا المجال وحده.

ولا تتخيل يا عزيزي القارئ أن مثل هذه الكتب المنشورة تكون بجودة كتب ستيفن كينغ أو حتى آر.إل ستاين، بل هي عبارة عن مضغ ومضغ متواصل لقصص تشبه بعضها البعض ويدخل فيها العفريت والجن كأبطال دائمون في مسلسل لا ينتهي من المستوى المتدني.

ولإضفاء مزيد من النكهة الحامضة، تسمى تلك الروايات بأسماء غريبة لا تمت للعربية بصلة، بهدف جذب الجمهور الذي يتملّكه الفضول لمعرفة السر وراء تلك الأسماء الغريبة، إلا أن استعمال هذه الحيل بات كثيرًا وللأسف أدمن القراء على مثل تلك الروايات التي أصبحت حتى دور النشر الكبيرة تدعمها لما تجني لها من أرباح.

2- دور النشر التي تتقاسم التكاليف مع المؤلف

هذه الدور قليلة وعادة ما يكون مستواها لا يختلف عن مستوى معظم دور النشر التي تنشر بالمجان، لكن الطريقة تبقى ناجعة بالنظر إلى المستوى المعيشي المتدني للعربي الذي لا يقدر أحيانًا كثيرة على تحمل التكاليف.

تكون هذه الدور مثالًا ناجحًا لدور النشر المثالية وكذلك التي تنشر بالمجان إذا ما غربلت الأعمال المقدمة إليها ووضعت الجودة قبل كل شيء. بالتالي تنمو هذه الدور وتكبر بينما تضمحل أخرى بعد نجاح خفيف سريع؛ لأن وحتى لو كان القارئ مستغفل من قبل الدعاية المغلوطة، فإن الزمن لا يرحم الأعمال الضعيفة.

3- دور النشر التي تجبر الكاتب على تحمل جميع التكاليف

دائمًا ما تكون هذه الدور مشهورة في العالم العربي ولها جمهور واسع؛ لأنها تنشر في العام أكثر مما تنشره بعض البلدان برمتها، وإحدى هذه الدور المشهورة، كتبت بأنها تنشر ما يعادل تقريبًا كتابًا واحدًا في اليوم، أي 365 كتابًا في السنة.

إن كانت دور النشر التي تأخذ جودة الكتاب بعين الاعتبار تقوم بمراجعة طويلة الأمد تمتد إلى ثلاث أشهر، فإن دور النشر هذه ترد على خطابك في غضون أيام وتعلمك بقبول كتابك في رسالة مصحوبة بتكلفة نشره.

في الحقيقة وفي الأيام القليلة تلك، تكون هذه الدور في طور حساب التكلفة وليس مراجعة العمل، فلا يهمها ما يأتي في الكتاب إذا ما كان سيدر عليها الربح، فهي في معركة رابحة أين تأخذ عادة 20 بالمائة من العائدات لأنفسها.

كنتيجة لذلك، تساعد هذه الدور إضافة إلى الدور المجانية على نشر كل ما هو دون المستوى أو العفن. فإن كنت كاتبًا ذا أموال، فلا تقلق من إيجاد دار نشر، فهي بالكثير لك، ولا تقلق من عدم وجود الجمهور، فهم مستغفلون من قبل هذه الدور نفسها وهم كلهم لكتابك جيدًا كان أم سيئا.

ولا ننسى أن كل هذه الدور تعطي الأولوية للكتّاب الذين لديهم أعمالا سابقة وتهمل من يرسل أول عمل له. وإذا غصنا أكثر فنجد مشاكل أخرى أكثر تعقيدا، فلجنة القراءة هم بشر يتأثرون بالكثير، بالتالي من السهل أن تُرفض روايتك فقط لأنك من بلد معيّن أو طائفة معيّنة أو دين معيّن.