يحكى أن امرأتين دخلتا على القاضي ابن أبي ليلى، وكان قاضيًا معروفًا وله شهرته في زمنه.

فقال القاضي : من تبدأ؟

فقالت إحداهما : ابدئي أنتِ.

فقالت الثانية : أيها القاضي مات أبي وهذه

عمتي وأقول لها يا أمي لأنها ربتني وكفلتني حتى كبرت.

قال القاضي: وبعد ذلك؟

قالت: جاء ابن عم لي فخطبني منها فزوجتني

إياه، وكانت عندها بنت فكبرت البنت وعرضت

عمتي على زوجي أن تزوجه ابنتها بعد ما رأت

بعد ثلاث سنوات من خلق زوجي. 

وزيّنت ابنتها لزوجي لكي يراها. 

فلما رآها أعجبته. 

قالت العمة: أزوجك إياها على شرط واحد أن تجعل أمر ابنة أخي (زوجتك الأولى) إليّ .

فوافق زوجي على الشرط.

وفي يوم الزفاف جاءتني عمتي وقالت :

إن زوجك قد تزوج ابنتي وجعل أمرك بيدي

فأنت طالق فأصبحتُ أنا بين ليلة وضحاها مطلقة.

وبعد مدة من الزمن ليست ببعيدة، جاء زوج

عمتي من سفر طويل، فقلت له يازوج عمتي:

تتزوجني؟ 

وكان زوج عمتي شاعرًا كبيرًا.

فوافق زوج عمتي، وقلتُ له لكن بشرط أن

تجعل أمر عمتي إلي، 

فوافق زوج عمتي على الشرط، فأرسلت لعمتي وقلت لها: قد جعل أمرك إليّ، وأنتِ طالق، ثم تزوجته.

فأصبحت عمتي مطلقة، و واحدة بواحدة، أطال الله عمرك.

فوقف القاضي عندما سمع الكلام من هول ما حدث.

وقال :

يا الله..

فقالت: له اجلس !

إن القصة ما بدأت بعد!

فقال: أكملي ...

قالت : وبعد مدة مات هذا الرجل الشاعر، فجاءت عمتي تطالب بالميراث من زوجي الذي هو طليقها.

فقلت لها ؛ هذا زوجي فما علاقتك أنت بالميراث.؟

وعند انقضاء عدتي بعد موت زوجي جاءت

عمتي بابنتها وزوج ابنتها الذي هو زوجي

الأول وكان قد طلقني وتزوج ابنة عمتي

ليحكم بيننا في أمر الميراث فلما رآني تذكر

أيامه الخوالي معي، وحن إليّ.

فقلت له: تعيدني ؟

فقال: نعم.

قلت له: بشرط أن تجعل أمر زوجتك ابنة عمتي إلي.

فوافق. فقلت لابنة عمتي أنت طالق!

فوضع القاضي يده على رأسه وقال:

أين السؤال ؟!

فقالت العمة : أليس من الحرام أيها القاضي أن

نُطلّق أنا وابنتي ثم تأخذ هذه المرأة الزوجين والميراث؟

فقال القاضي :

والله لا أرى في ذلك حرمة، وما الحرام في رجل تزوج مرتين، وطلق، وأعطى وكالة؟!

على غرابة هذه القصة وموقف المرأتين، إلا أننا نشهد كل يوم على حفرة حفرها شخص لأخيه فأردته صريعًا!

الأيام دول، وقد تحفر حفرة لتوقع بها أخاك، فتجد نفسك فيها، وقد تسعى بكل ما أوتيت من قوة وسعة ومال لدعم أخيك ومساعدته فتجد أن أمورك أنت بفضل الله تيسرت وتسهلت!

أما سمعتم عن تاجر باع طعاما فاسدًا أو أدوية مغشوشة، ثم أكل ولده من ذلك الطعام فتضرر أو تناول الدواء فأصابه مكروه؟! 

ألم تسمعوا عن عاق لوالديه رُمي وحيدًا في دار عجزة ينتظر ساعات موته ولا يسأل عنه أبناؤه؟!

وماذا عن الغني الذي استكبر على فقير، ثم دار الزمان دورته المؤدبة فإذا هو على باب الفقير نفسه يستعطيه!

وماذا عن كاسر الخواطر ، والماشي بالنميمة والمغتاب للناس؟! أتراه سيفر من قدر أن يسقى بالكأس نفسه؟!

‏مهما استبد بطش الناس وظلمهم، ومهما سقوك من مر أفعالهم، إياك أن تعاملهم بالمثل وتذكر أن المكر ، والبغي والنكث ممن توعد الله برد الأذى على أصحابه:

-(وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه)

-‏(إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُم ۖ)

-(فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِۦ ۖ)