وددت لو كتبتُ لكِ مرة واحدة يا عزيزَتي عما يجول في دواخلي

عن كل غصةٍ في منتصفِ الليل القَاتم، عن كلِ دمعةٍ كنتِ غافلةً وبشدة عنها، عن كلِ صوتٍ مَذبوح، عَن كل ألم، لكنني أصمتُ فجأة، كم حياة ستعيش لتسمعَ كل هذا؟

كنت شابًا لا صوتَ له إلى أن أحييتِني يا عزيزَتي، وجدتُ فيكِ ما افتقدُته طيلة تلكَ السنين، وما كدتُ أشعرُ بالطمأنينة، أنا الذي امتلأت حياتهُ بالقَلق، ورحلتِ

في التوقيت الخاطئ تمامًا ككل الأشياءِ في عمري، صدقيني لم أطق مع غيابكِ صبرًا

عدتُ لقوقعةِ الحزنِ من جَديد، لا أحد يُجيد سَلخي عنه، من يسلخُ إنسانًا عن نفسه؟

بكيتُ كما لم أبكِ من قبل، أقسم لو أنكِ رأيتني في ذلك الحال لما عرفتِني، كنتُ منهارًا، متساقطًا، لا أشلاءَ لي لأجمعَها، أكلها الهواء

منذُ يومين خطر ببالي خاطر، سأرحلُ أيضًا، لِمَا عليَّ دائمًا انتظارُ الغائبين دعوني لأكونَ غائبًا لو لمرةٍ واحدة على الأقَل

هذا البُعد مؤلمٌ لا أنكر، لكنني على الأقل أشعرُ أنه كانَ لي يد في هذا، أنني رحلت أيضًا، لربما يخففُ ذلك وطأة الحزن عني

وقبلَ أن أشرع في كتابةِ كل هذا كنتُ أبحثُ عن مفكرتي التي أصب بها جامَ غضبي وحزني ولم أجدها، يبدو أنني نسيتها حيثُ كنا، ليتني نسيتكِ أنتِ معها،

خائفٌ من كم الحزن المختزن فيها، يا ترى هل عدتِ يا عزيزَتي؟

هل وجدتِها؟