" اذا وجد المرء رغيفا في يومه او وجد في بعض الاحيان في كوز مكسور جرعة ماء بارد , فلماذا يكون تحت إمرة غيره, او في خدمة من يضاهيه"
فهل أصاب عمر الخيام ؟
فهل أصاب عمر الخيام ؟
أصاب ولم يصب في آن.
من وجهة نظر مثالية تلك التي يعرضها رجل نيسابوري عالم في قومه عزيز بحكمته زاهد في الدنيا لعلم مجده، وهو القائل :
أفنيتُ عمري في اكتناه القضـاء
وكشف ما يحجبـه في الخـفاء
فلم أجـد أسـراره وانقضـى
عمري وأحسست دبيب الفـناء
وكما هو دأب العلماء وأهل الحكمة اعراضهم عن ملذات الغوغاء لعلمه بأن الامعان في المطعم والملبس انقاص من قدرات العقل وطاقاته، اذن هذه جملة صحيحة في هذه الحالة .
لكن كيف للرجل لعادي الذي لا يملك من نفسه سوى ما تزنه دنانيره ، فلا يعيش الا بخدمة غيره وتقاضي ما يمكن تقاضيه من هذه الخدمة، وكيف للعامة أن يزهدوا فيما ليس لهم قدرة على الزهد فيه، فلا هم يستفيدون بزهدهم في علم ولا في حياة ، لذلك من السخافة أن يطلب الانسان من كل الناس ان يكونوا على نفس القدر من المينيماليزم، لانها هي ايضا رفاهية لا يملكها الجميع الا من ملك شيء من الوعي وليس الوعي في مقدور الجميع، فلا يمكن ان تخاطب فقيرا وتقول له يارجل اكتفي برغيفك وكوز ماءك وترفع عن الخدمة تعش حرا، فهو لا يملك الا كوز الماء والرغيف اصلا ولا يعرف الحرية.
أصاب الخيام حسب رؤيته الشخصية، والتي يمكن أن يختلف معها البعض.. فالموضوع نسبي بحت وقائم بالأساس على القناعة الشخصية ومدى شعور الانسان بالرضا والقناعة بما لديه دون النظر لكَمّه قليل كان أو كثير..
إلا ان ذلك لا يمنع من إمكانية تطلع الفرد لما هو أفضل والسعي لتحقيق أحلامه وتطلعاته المشروعة.
لأن احتياجات المرء ببساطة تفوق ما ذكرت، وخاصة في عصرنا الحالي أين تفاقمت متطلبات سعادة المرء ورضاه عن حياته خاصة مع كثرة المقارنات مع غيره.
إذا وجد المرء رغيفًا في يومه أو وجد في بعض الأحيان في كوز مكسور جرعة ماء بارد، فلا يعني ذلك أنه تحت إمرة غيره أو في خدمة من يضاهيه. الإنسان ليس عبدًا للظروف أو للآخرين، بل هو فرد قادر على صنع قراراته الخاصة والوفاء بمسؤولياته.
تجارب الحياة تختلف وقد يواجه الإنسان صعوبات وتحديات، ولكنه ليس بالضرورة يكون تحت إمرة الآخرين أو يعيش في خدمة غيره. الإرادة والقدرة على التأقلم والتغلب على الصعاب هي صفات إنسانية قوية تمكنه من التحكم في مصيره واتخاذ القرارات المناسبة.
لذلك، فإن الحياة تعلمنا أن نكون مسؤولين عن أفعالنا وقراراتنا، وأن نسعى لتحقيق أهدافنا بشكل مستقل ومن خلال تعلمنا ونضوجنا نصبح قادرين على تحسين واقعنا ومستقبلنا.
التعليقات