لا تستطيع كمسلم أن تلزم ملحداً بأن آيات القرآن تحتوى على إعجاز علمي، لأن الآيات الكونية في القرآن قابلة للتأويل بأكثر من شكل، وليس لها تفسير واحد.
أي شخص ينظر بموضوعية من الناحية اللغوية في آيات القرآن بدون تحيز لإيمان أو لإلحاد، سيصل لهذه النتيجة.
فعلى سبيل المثال: ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ.
لو نظرت للآية بموضوعية، تجد كلمة {دُخَانٌ} و{دُخَانٌ} لغوياً يحتمل أن يكون معناها بخار الماء، لكن المتعنت فقط من ينكر أن كلمة {دُخَانٌ} يمكن أن تفهم منها أيضاً أنه الشيء الناتج عن النار.
الملحد سيتحيز ويتمسك بالتفسير القديم للآية {بخار الماء} لأنه لا يريد الاعتراف بإله أو خالق ويعتقد ببشرية القرآن، ومدعي الإعجاز العلمي سيتحيز ويرفض التفسير القديم للآية باعتبار أن هذا مجرد اجتهاد من المفسرين لا يلزمه بشيء طالما ليس معتمد على آية أو حديث صحيح، وسيفسرها بما يتوافق مع العلم الحالي (دخان الانفجار العظيم).
لكن كما قلت بموضوعية فالآية تتحمل لغوياً الوجهين.
قس على ذلك آيات كثيرة {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ}، مدعي الإعجاز: دوران الأرض، الملحد: لا هذه تتكلم عن حال الجبال يوم القيامة، {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} مدعي الإعجاز: توسع الكون المستمر، الملحد: موسعون يعني قادرون، {فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} مدعي الإعجاز: تحول الشمس لعملاق أحمر وانشقاق السماء كالأديم الأحمر يوم القيامة، الملحد: لا هو يقول إن السماء ستصبح حمراء من نار جهنم وهكذا وهكذا.
أنت لو نظرت بموضوعية ستجد أن كل الآيات السابقة وغيرها، قابلة للتأويل لغوياً هكذا بما يفيد الإعجاز وهكذا بما لا يفيد الإعجاز فلا تستطيع أن تلزم الملحد بشيء طالما الآية لها أكثر من وجه.
كل ما تستطيع قوله هو أن القرآن يستخدم ألفاظاً وعبارات لم يخطئها العلم الحديث، بل ويمكن أن تتأول الآيات القرآنية بما يوافق العلم الحديث بموضوعية وبدون تكلف ولي لعنق الآيات.
وهذا لا ينقص من إعجاز القرآن، فهذا ما يجعل القرآن صالحاً لكل زمان ومكان، فمثلاً كلمة دخان في الآية يمكن أن يفهمها القديم على أنها بخار الماء بما يوافق ثقافة عصره ويمكن أن يفهمها الحديث على أنها الدخان الكوني الناتج عن الانفجار العظيم والذي يملأ الكون حتى الآن (كل النجوم والمجرات مصنوعة من دخان كوني/غبار كوني كما يقول الفلكيون)، تخيل لو القرآن قال مثلاً ثم استوى إلى السماء وهي بخار؟ حسب ثقافة عصرنا كان هذا سيكون خطأ علمي وربما كان ألحد كثير من الناس بسبب ذلك، فالنجوم والمجرات حولنا ليست مصنوعة من بخار ماء بل من ما يمكن وصفه بالدخان.
فهكذا هو القرآن يستخدم اللفظ الذي لا يخالف بشكل مباشر ثقافة القديم كي لا يكفر به، وفي نفس الوقت لا يمكن تخطئته علميًا مع تقدم العلوم في العصور اللاحقة بل يمكن أن يتأول بدون تكلف بما يتوافق معها أيضاً كي لا يكفر الحديث.
التعليقات