أنا وفرصتي:
اليوم، وبعد ثماني سنوات أو بالأحرى ثلاث ألاف يوم مذ أن دخلت هذا المساق الذي أصبح مألوفا أكثر من قهوة صباحية. كيف لا وأنا في مكاني القديم وبالقدم أقصد نفسي وليس مكاني.
منذ ثامني سنوات خرجت ساعيا نحو العلم لكي أرقى وأرقي نفسي من سحر الجهل وعثراته وكعادتي لم أحمل سلاحاً ظنا أني سأجد في طريقي واحدا وكنت مخطئةً حينها لأني لم أدرك أن الطريق حافلٌ، لا، لم أكن أخطط لما أنا عليه الآن بل جاء رغماً عما لم أكن أرغب فيه. جاء لرغبةٍ داخلية فيِ وليس فيما كنت أرغب فيه، نعم، يحدث أن تتعارض رغباتك وتتشابك عليك الطرق لكن لن تختار إلا تلك الرغبة المسطرة لك في يوم النفخ فيك.
أول يوم لي في هذا العالم، في أول يوم لي في هذا العالم لم أبكِ ولم أفتح عيني قطْ بل حملت بنفسي من عالمي إلى عالمٍ إجباري. وكعادتي خٌيرت بين خيارين واخترت الأسوأ لأني ولدت بلا طموح برغم وجود الفرص وبهذا أكون ضيعت "فرصتي".
أذكر أني قمت بعض يد والدتي حين كان عمري 16 سنة حين حصلت على أول شهادة لي، لم أكن أعرف حتى كيف أحتفل لأني دائما أختار الخيار الأسوأ لأجد أسناني قرب يديها لأعضها لأنه كان الخيار الأقرب ربما يوما أو الأسهل. ثم ماذا، ثم انطفأت شمعة الاحتفالات داخلي لم أحتفل بعدها بنجاحي بأي شهادة حتى أذكر أنه عندي حصولي على شهادة البكالوريا وتتويجي مع الأوائل لم أحتفل بداخلي، أنتم تدركون أن الفرحة هي شيء شخصي ولا يمكن لحدث أن يغير من شخص ومع ذلك اخترت الابتسامة في وجه والدي لكيلا نزيل ستار البهجة من أعينهم التي كانت مليئة بالفرحة.
لم أكن أحتفل لأني كنت أطاوع المستقبل دائما، لم أكن شخصا عاديا يعيش لحظته بل كنت عكس ذلك وأكثر، كنت أحبط العزائم وأسقط التحفيزات وأهدم الآمال بنظرتي تلك لأني كنت فقط حينها أحزن وأحن لفرصتي التي ضاعت.
لم أكن أنظر لما أنا عليه، بل كنت تواقةً للأفضل ولم أجد شخصا يغار أو يحسدني على ذلك أو حتى ينافسني. بعد ثماني سنوات من موقفي ذاك قرب الحافلة التي كانت ستٌقلٌّني إلى المكان الذي أنا فيه الآن. ستشعر بالانفتاح في أول وهلة في هذا المكان ستظن أن الأمر ممتع بين أربعة جدران من الأوراق، ستظن أنك تبني مستقبلا لكنك في المقابل تهدم أفكارك وتعتنق التقليد وتجاري الطلاب بمحفظة لا شأن لكن بها وكل هذا لتحصل على شهادة لا حاجة لك بها.
سأخبركم قليلا عن فرصتي، من منا لم يفوت فرصة ما وقال بعد تضييعها آهٍ مني أه؟ لكنني لم أضيع فرصتي بل هي من ضيعتني، كيف؟ لم تكن تأتي أوقات استيقاظي، وأتتني مرة وأنا في الحمام ومرة عندما انقطع الاتصال وتلقيت رفضاً من مدير خدمات الاتصالات بحجة تأخري في الرد. كلها كانت فرصاً لي لكنها أهملتني كما الآن أٌهملٌها. فرصتي كانت حين كان عمري 5 سنوات ولم أغتنمها ف أتيحت لي فرصة قراءة الأعداد من 1 لعشرة ولم أشارك بحجة أنني مبتدئ، وفي السنة الرابعة إعدادي أتيحت لي فرصة الحديث إلى صديقتي بالفرنسية إلا أنني راهنت أن لا وألف لا لأني لا أطيق الفرنسية.
كلها كانت فرصاً لي لكنها لم تغتنمني لأني صعب المِحال وهي سهلة المنال.
التعليقات