مقالٌ جديد, نرقب نزوله أنا ورفيقي كلّ بداية أسبوع الساعة التاسعة مساءا.. كان العنوان هذه المرّة بسيطا غيرَ مُلْفِتٍ .. "المشاركة" .

تذكرت مَرَّةً كنا نتناقش فيها عن تجربة لصديق لنا قضى شهرا في تعلّم مهارة جديدة, ولم يخبر أحدا عنها. قال بأنه شعر أنّه أضاع شهرا كاملا بلا أي جدوى ..

كان يقول :

لم أشارك أحدا تلك التجربة, لم أسمع رأي أحد من أصدقائي أو من العائلة. في نهاية المطاف كانت المتعة غائبة وأنا أشارك نفسي معزوفتي التي تعلمتها, يبدو واضحا لكم الآن ماذا كنت أتعلّم ولكن الأهم من ذلك الآن هو سؤالي! هل فعلا لا معنى للأشياء بدون مشاركتنا لها مع الآخرين؟ عاجلا أم آجلا؟

وهل نحن نهمّش كل جزء من المرحلة -وأعني مرحلة التعلم الخاصة بنا- عندما ننشر بالنهاية ما فعلناه؟ لتتلخص كل تلك المرحلة في لحظات معدودة لخصت ذكريات لا تحصى, قد لا تغدو ذكريات أصلا فتنسى مع الوقت لأننا لم نشاركها مع أحد أصلا!

كنت سارحا أتذكّر كلام سمعته مرّة عن الارتياح الذي ينتاب المؤمن عند تفكيره بأن الله يرى كل شيء, أن الله عادلٌ بطريقة لا يتصورها البشر .. وفي ذلك طمئنينة بأن لا شيء ضائع وكل جزء من الثانية ذو معنى في نهاية المطاف.

كان صديقي الآخر معارض لكلامه بشدّه. هو يرى بأن على الإنسان أن يكونَ قويّا بما فيه الكفاية لكي يدرك المعنى من الأشياء بنفسه, وأن لا يكون للآخرين تأثير مباشر في ذلك, بل وحتى اعتبر من يتأثر ضعيف شخصية لم يصل الى ذاته بعد.

كان يعتقد بأن المشاركة غالبا قد تكون ظالمة لك ولما تريد مشاركته. كان يصفها بالمقبرة.

ذلك المقال الذي لم يجب على تساؤلاتنا كاملة, اتفقنا فيه على فقرته الأخيرة التي كان مضمونها :

قوّة الانسان تقاس بعمق معرفته. معرفته بنفسه قبل كل شيء. والرفيق هبةٌ إن رزقتَ بها فقد حظيت بالكثير. هبةٌ نادرة يتناسب نُدرها طرديا مع مقدار صدقك..طموحك و واقعيتك.