الزجاجة السابعة

إلي رغد ليليّ:

أتعلمين ، يا رغد ، عندما إنجرفت سفينتي وسط البحار ، شعرت بأنني أبحر في أعماق تاريخ لا يُري ، تاريخ حُفر على ما بقي قبل أن يندثر ، ونُقش على الجزر القديمة ، هل تعلمين أن أقدم السفن التي عرفتها البشر كانت تحمل عيونًا ترقب الطريق ، عينٌ ليست مجرد زخرفة ربما كانت تمثل النظرة الساهرة لإله أو إلهة تحمي السفينة في معتقدهم ، أتخيلها الآن ، عينًا تشبه العيون ، يا رغد ، ترقبني، تباركني، وتهديني العودة إليك.

أما الفايكنج، فقد كانت أشجع الرفاهية وأكثرهم جنونًا. وضعوا رؤوسًا مرعبة على مقدمة سفنهم، بفكوك مفتوحة وعيون جاحظة، ربما ليرهبوا البحر بنفسه أو ربما ليخيفوا الأرواح الشريرة، أو ليثبتوا للبحر أكثر من شراسة. وكانت تؤمن بأن تلك النحوت تدفع عنهم الأرواح الشريرة. ونحن، رغد، ما الذي يُخيفنا؟ أهي الأرواح؟ أم الفراق؟

أحب تلك الإختلافات التي تضعها الرعاية علي سفنهم. المصريون يضعوا طيورًا مقدسة ترشدهم، والفينيقيون اختاروا رمزًا للسرعة"حصان" ، أما الإغريق فقد وضعوا رؤوس "الخنازير" رمزًا إلى الرؤية الحادة والشراسة . كل منهم كان يعكس شيئا من روحه في تلك الزينة. ماذا كنت ستختارين أنت، لو كنتِ معي؟

في الركن الشمالي، كانت التنانين تزين السفن الحربية، تُجريها عمومًا في مواجهة المجهول. أما أنا، فإن قوتي في ذكراكِ ، صوتكِ حينما يتردد كصدي بعيد وسط الذكري ، وكأنه يذكرني بأن مهما كان البحر شاسعًا لن تبعدنا المسافات.

 أفكر أحيانًا في أن كل تلك العادات سيئة ، بعيدة عن طريق العودة. وأنا، كلما أبحت عن البعد، أدركت أنني لا أحتاج إلى العيون أو نحت ، كل ما أحتاجه هو الأمل لقضاء عطلة نهاية الأسبوع على الشاطئ.

لكِ كل ما في قلبي،

سليمان

۲٣/١١/١٩١١