قالوا قديماً الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، والبعض قال؛ “الوقت كالسيل إن لم تقطعه قطعك” العباراتان تجعلك في سباقٍ مع الزمن خشية أن يدركك الوقت دون أن تنجز. هل تستطيع تخيل ذاك السباق؟ أنت والوقت تجريان في ماراثون كل منكما يريد أن يسبق الآخر. إن سبقته فقد فزت وإن سبقك فقد فاز. فاز الوقت! وبقيت أنت متأخراً تنتظر من يدفعك إلى الأمام نحو الإنجاز فهمَّتُك قد خبت ولم تعد قادراً على المزيد،

العجيب في الأمر أننا لا نسمح للبشر أن يسبقونا ولكننا سمحنا للوقت أن يتقدم ونتأخر. الوقت من عجائب الأمور. يستطيع المرء أن يجعله مطواعاً له بالاستفادة منه واستغلاله أفضل استغلال. فلا تضيع دقيقة الا وقد أنجز فيها. أوقاتُنا أعمارُنا ما نقص من الوقت نقص من العمر. هناك الكثير من الإبداعات التي يمكن إنجازها في الأوقات الضيقة وغير الضيقة، وحتى يكون عملك ذا وزن لا بد أن تخلص النية فيه لله تعالى فتكسب الأجر قبل الوقت.

كيف أنجز كثيراً في وقتٍ أقل؟

قبل أن نتكلم عن كيفية الإنجاز علينا أن نضع في أذهاننا أن الإنجاز والنجاح توفيق من الله تعالى ولايمكن الوصول إلى ما نصبو إليه دون معونة إلهية تمنحنا القوة اللازمة، لذلك ردد (لا حول ولا قوة إلا بالله) -كما كان يفعل الشافعي لإنجاز مؤلفاته- فهي وسيلة عظيمة من وسائل تحقيق الأهداف والارتقاء نحو الأفضل وإنهاء المهمة في وقتٍ قياسي.

ثم التنظيم، نعم إنه تنظيم الوقت وتدوين خطة يومية لما تريد إنجازه بالإضافة لكتابة للتوقعات المأمولة. وقياس مدى نجاح الخطة آخر اليوم بمقارنة الخطة بالتوقعات. نحن لا ننظم أوقاتنا لذلك لا نستغلها الاستغلال المرجو. لو أنك رسمت خطتك لكل يوم ستسير الأمور على ما يرام، بل وستبدع في الإنجاز.

وهناك عامل آخر مهم من العوامل الداعمة للإنجاز الجالبة له وهو قراءة إنجازات الناجحين والاستفادة منها ومن طريقتهم في تنفيذ نجاحاتهم، ليس هناك طرق معيارية، لكل إنسان طريقته في تحقيق طموحاته لكن لا بأس أن نتعرف على طرق الآخرين ونبدع نحن طرقاً وأساليب ووسائل تميزنا عن غيرنا وتحمينا من التقليد.

حيز اللاشيء

المواضيع المتعلقة في كيفية استغلال الأوقات لا تعد ولا تحصى، الأكثرية تقرأ والأقلية تطبّق. إنه مرض التسويف والتأجيل والهمة الميتة وتضييع الفرص والركون للفراغ والبيات الشتوي- الصيفي، أمراض مزمنة سببتها الملهيات فقضت علينا جميعاً، ليس لدينا مانع أن نجلس وقتاً طويلا في حيز اللاشيء.

حيز خلقناه لأنفسنا لنهرب بداخله من العمل بحجة أننا تعبنا وقد أنهكتنا الحياة ونحتاج لوقتٍ هادئ نشعر فيه بالسلام الداخلي. لا بأس أن نختار لأنفسنا أجواء هادئة ولكن المشكلة تظهر عندما ندخل في ذلك الحيز في سبات عميق بحيث يصعب خروجنا منه سواء خروجاً ذاتياً أو بمساعدة صديق. للباحثين عن السعادة؛ إنها تكمن في العمل الدؤوب الجاد الهادف الراقي، والعمل يواجهه المثير من السلبيات وهذا أمر طبيعي، لذلك فكر في حلول للسلبيات تأتيك الإيجابيات من حيث لا تحتسب.

ما يستطيع أي شخص إنجازه

  1. الذكر وقراءة القرآن وهو من أفضل وأنبل ما تستغل به الأوقات.
  2. احفظ القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
  3. احفظ أشعاراً.
  4. القراءة المستمرة؛ احرص على أن تشعر بالمتعة والرغبة العارمة في مسك كتاب.
  5. الكتابة، وإن لم تكن كاتباً اكتب مذكراتك، ما فعلته يومياً، اكتب رسائل للآخرين، أو رسائل لنفسك. اكتب قصصاً اكتب ما يخطر ببالك فالكتابة حياة كما القراءة تماماً.
  6. أنشئ مدونة إلكترونية نافعة وانشرها.
  7. تعلم حرفة وطبقها، فقد تكون تلك الحرفة مصدر دخلك يوماً ما.
  8. انشر في مواقع التواصل الإيجابية والمعلومات الموثوقة النافعة.
  9. علم الآخرين ما تتقنه من المهارات.
  10. ساعد الناس فيما تستطيع.
  11. أصلح بين المتخاصمين.
  12. أنشئ مجموعات من الأصدقاء أو الأهل لمناقشة كتاب شهرياً.
  13. ازرع نباتاً.
  14. اهتم برعاية حيوان منزلي.
  15. الدورات الإلكترونية المتنوعة، فيها ما لذ وطاب من الفوائد.
  16. زر صديقاً.
  17. تأمل في الكون الواسع واكتب الملاحظات.

بحر الخيارات واسع، تخير لنفسك ما تجده فعالاً نافعاً لك ولمجتمعك الصغير والكبير. أختم بما جاء في صحيح مسلم من حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أنِّي فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدَّر الله وما شاء فعل، فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان”