حينما نتخلص من رؤيتنا السطحية العابرة للأشياء حولنا ، دون سبر جيد لأغوارها ، ودون محاولة لفهم ما يكمن وراءها ، وحينما يكون بإمكاننا أن نرى في كل نهاية متجلية أمامنا ، بداية جديدة ، وفي كل رتابة ، إمكانية تغيير ، وفي كل شيء حولنا فرصة لترك أثرنا ، نكون عندها قد أبدعنا!

يأتي الإبداع بالقدرة على التركيز ، وصبّ الانتباه حول التفاصيل الدقيقة التي يتغاضى عنها الجميع ، وتتبعها والسعي إلى إعادة تشكيلها وفق مفاهيمنا وأفكارنا الخاصة..

أن تبدع ، أي أن تكون منتجا لا مستهلكا ، تحاول إنتاج لمسة خاصة ، في كل ما يحيط بك ، وتحاول أن تفتح أفقا جديدا في كل مجال ترتاده..

أن تبدع ، أي أن تتحرر وتحرر نفسك من أفكار الغير ولمساته وتصميماته وآرائه ، أن تكون قائدا لا مقودا ، أن تتشجع ازاء تجربة شيء جديد ، ألا تخشى المواجهة..

ليس من الشرط أن تكون فنانا لتبدع ، لم يكن ذلك يوما حكرا على الرسامين والخطاطين ومصممي الأزياء والتشكيليين ..

الأستاذ الذي يوصل فكرته إلى طلابه بطريقة خاصة تمكنهم من تذكرها مدى حياتهم مُبدع..

والطبيبُ الذي لا يكتفي بنتيجة تحليل واحد ، ويحاول تشخيص المرض من عدة نواح مبدع..

والحارس الذي يستقبل الصغار كل صباح بابتسامة وحبة حلوى مبدع هو الآخر..

والمرأة التي لا تكتفي في المطبخ بوصفات تأخذها من هنا وهناك ، وإنما دائما ما تحاول أن تضفي لمستها الخاصة بإضافة مكون أو تغيير شكل مبدعة..

والمواطن الذي لا ينتظر من عمال البلدية أن يقوموا بالتنظيف ، وإنما يبادر بنفسه في تنظيف الحي ، وحث الآخرين على المساعدة ، مبدع كذلك..

بإمكان الجميع أن يبدع! كل حسب قدرته ، وكل وفق مجاله الخاص!