ما أن تقع عيوننا على الجملة التالية: خرج ولم يعد. حتى نُصاب بالتوتر فما بالك لو أن الخارجَ من دون رجعة، هو قريب عزيز ابن أو زوج أو أب أو أخ (ابنة، زوجة، أُم، أو أخت )

يحينُ موعد رجوعه إلى البيت ولم يَهِلْ، تمرُّ الساعات ولم يجئ، تنتظرُ وتنتظرُ، ويبدأُ القلق في التَّصاعُد تحاول الاتصال به على الهاتف إذا به يرن بجانبك. لم يأخذه معه؟؟ أتراه نسيه أم تركه عمدا ؟؟يزداد الهلع والخوف. تتصل بأصدقائه بكل الأهل، الأقارب، و المعارف لا أحد رآه منذ أيام.

تقصد مركز الشرطة، تبلغ عن حالة إختفاء، يقابلك المسؤول هناك ببرودة تامة، أنتَ الذي تضْطرِمُ دواخِلُك بنيران مُسْتعِرَة، وتَوَدُّ لوْ يقفَ الزمن ويخرجُ الكلُّ في بحث جادّ عن عزيزك . يقول المسؤول طالما أنه راشد فهو حر، وليس عليه أن يسأذن قبل الخروج أو السفر، وإذا لم يظهر بعد ثلاثة أيام، سنطلق مذكرة بحث عن المختفي مرفقة بصورته.

حتما ستخرجُ من المركز مُحَمَّلا بكل هموم الدنيا لا تدْري أيُّ وِجْهَة تسْلُكُ، تشرَع في رحلة بحث مُضْنِية تزور كل المستشفيات، كل مخافر الشرطة بمدينتك، كل الأماكن التي كان يحبها ويتردد عليها تجوب الشوارع، وحتى الأزقة. دون جدوى تقْفِلُ راجعا إلى دارك والمساء قد انتشر في المدينة وفي نفسك. تعود إلى مأواك بقلب يعتصر حزنا، وكَبِد يتفَتَّت كمَدا، تجلس دون أن تعرف ماذا تفعل، تتساءل ماذا يمكن أن يكون قد حصل؟ وهل رحل بإرادته أم أن قدَرا أسْوَدَ صادفَه وأوْدى به إلى غياهب المجهول؟ وهل كانت هناك إشارات قبل الاختفاء، دون أن تنتبه إليها؟ ولماذا لم يبد رغبته في الرحيل، وأنك لم تكن لتعارضه؟ ماذا؟ ولماذا؟ وكيف؟ هكذا تمسي وتصبح لياايا طِوالا تدخل في دوامة لا تعرف عنها فكاكا .

وفي هذه الظروف والملابسات، نرى بعضا من الناس الذي مَسَّهُمُ هذا القدَرُ الحالِكُ يتمنى لو أن القريب مات ودفنَه، سيحْزَنُ عليه ما شاء الله ويرتاح. وهناك فئة تانية، لا ترغب إلا في أن يكون القريب حيا، رغم ما قد يعانيه من ويلات.

فإلى أي فريق تنظم أنت؟ وأيهما في رأيك أنانيٌّ لا يَطيقُ عذابات نفسِه هو، ولا يحتمل ضرَرَ فراقِ أحبائه عليه.