يصف جلال أمين في مذكراته، شدة إنبهاره بالماركسية حين تعرَّف عليها لأول مرة. لدرجة أنه قسم مكتبته لقسمين= (كتب تحوي الحقيقة) وهي الكتب الماركسية، و(كتب ضالة) هي الكتب غير الماركسية. لكن ما إن أكثر الاطلاع على الماركسية، وعمّق معرفته بها، حتى اتضح له الكثير من العيوب القاتلة والتي لم تستبن له في بداياته.

وهذا يقودنا إلى فكرة ألا وهي: أن الإنسان في بداية انكشاف فكرة جديدة له قد ينبهر بها وهذا الانبهار ناتج عن جهله وعن عدم إحاطته بالمادة التي انبهر بها، ولو علم حقيقتها وزاد من معرفته حولها لاختلف رأيه تماما.

حينما تقدم الكثير من الأفكار للعامة، وهذا الأمرُ بات طاغيًا في زمن الانفتاح المعرفي، فتُعرَض المسائل الكبرى على أناسٍ ليس لديهم جَلَدٌ ولا قوة على تحمل البحث والتنقيب والاطلاع، فيكون الضياع. ضياع الفكر وضياع الدين. فتستلبُّ قشور الأفكار عقله ويعميه جهله عن معرفة الحق.

وفي هذا يقول أحد الفلاسفة الإنجليز: قليل من الفلسفة يؤدي بك إلى الإلحاد، وكثير منها يعيد للإيمان!