أتدري ما المضحك؟ أنه مازال هناك ما يُدعى بالتنمر، مازال هناك من يسخر من الآخر بسبب لون البشرة أو الهيئة الجسدية، شخص تحوم في رأسه الفارغ فكرة أنه أعلى من هذا وأفضل من ذاك فقط لاختلافهم عنه، ينظر إلى هذا فيسخر من بشرته السوداء، ويضحك من ذاك السمين المار بجواره، ولما لا يسخر؟ فهو أفضل منهم .. هو أقوى وأحسن وجهاً وأفضل بنيةً منهم، فمن حقه أن يسخر.

لكن صديقنا هذا لا يدرك الحقيقة، لا يدرك أن اختلافهم عنه هو أيضاً اختلافه عنهم، فربما يسخر منك أسود البشرة بسبب بشرتك البيضاء، فما أدراك أن سواده أدنى من بياضك وليس العكس؟ من الذي يحدد أي هيئة هي الأصل الكامل وأي اختلاف عنها هو دنو يدعو للسخرية؟ أنت يا صديقي أحمق بالنسبة لأينشتاين، وهزيل بالنسبة لأبطال الأولمبيات، وقبيح بالنسبة لنجوم السينما. أنظر لنفسك من أعين من تسخر منهم، فأنت أبيض جدا بالنسبة للأسود، ونحيف جدا من رأي الممتلئ، وغبي جدا في أعين مهووس الدراسة ذو النظارات.

الحقيقة يا صديقي أنك قبيح، جميعنا قبيحون في الواقع .. الأبيض والأسود، السمين والنحيل، الطويل والقصير، الذكي والغبي، إن كنت تطير أو تسبح، الإنسان بطبعه قبيح. ليس جسدياً بالطبع، فقد خلقه الله –تعالى– في أحسن تقويم، بل في أعين الآخرون، فنحن بطبيعتنا تغمرنا العيوب، وإن سخرت من عيوب الآخرين، فعاجلاً أو آجلاً ستجد من يسخر من عيوبك؛ فاسخر فقط حينما تبلغ الكمال.

أنت قبيح يا صديقي مهما ترى في نفسك من مميزات ترفعك عن الباقين، فقبل أن تسخر من أحد تذكر أنه بك ما يدعو أيضاً للسخرية .. أنت قبيح أيها البشري؛ فلا تبحث عن قبح الآخرين لتسخر، بل اعترف بقبحك وعِش إنساناً متواضعاً يري الجمال في الاختلاف ويبتسم له، فقط حينئذ تكن جميلاً.