يهتم الكثير من الأوصياء على شؤونك في أن يبقى عقلك مخدرا و مؤدلجا خاضعا لمنظومة اعتقادية معينة قاموا بتحضيرها مسبقا خصيصا لأجل تنويمك و استدراجك لتصديق كذبات بعد أن قاموا بتغليفها و تزيينها بغلاف الحقيقة و جعلوها تخاطب مشاعرك و لكي تجعلك سعيدا مبتهجا و فرحا منتشيا و أنت لا تدري بعد أين يكمن الفخ بالضبط .. يكررون عرض تلك الأخبار و تلك المشاهد و الأقوال على مسامعك حتى تتبرمج و تعتقد أن تلك الحقائق لا يقولها سوى أصحاب المظهر الأنيق المرتب الذين يحملون دبلومات و أوسمة بحيث يوهمونك أن الكلام الحقيقي لا يصدر سوى عن فئات خاصة من المجتمع .. و بالمقابل يوهمونك بأن أي متحدث سيء المظهر منفعل هو مجرد مجنون يهبد و يخرف و هم بهذا الشيء يصرفونك عن الاستماع إلى حقائق و أدلة و حجج و إثباتات جديدة أنفع و أكثر معقولية مما عندهم .. و لأنك تتبنى صورة نمطية معينة عن الحقيقة و عن قائليها فأنت تنخدع و تقع في فخ إقصاء سماع آراء متعددة و من ثم المقارنة بينها جميعا و الخروج بخلاصة جديدة و أكثر صدقا و عدلا و موثوقية .. لذلك يا صديقي العزيز إذا كنت ممن اعتاد تسليم عقله لغيره دون عقلية نقدية و دون تفكير سليم و صحيح فاسمح لي بأن أخبرك بأنك قد خنت نفسك و وضعتها في وصاية مبرمجين و مشيطنين خارجيين يخدمون مصالحهم و أجنداتهم و التي لا تعكس الحقيقة كما قد يقولون و يؤكدون .. و لهذا حتى تميز الحقيقة من غيرها تحتاج إلى شيء اسمه ( فهم النفس ) .. حاول أن تستمد حقائقك من مصادر و من ثوابت و من مبادئ لا يمكن لشياطين الإنس أن يتلاعبوا بها و ليس فيها أي قابليات للتزوير أو الانتحال .. تدرب على التشكيك و على نقد كل ما تتلقاه داخليا حتى لا تقع في مصيدة تصديق أكاذيب تحسبها حقائق و أنت لا تدري و لا تشعر إلا بعد ضياع عمر كامل ..