يتميز المغرب بموقعه الإستراتيجي الذي يقع غرب شمال إفريقيا، ولا تفصله عن أوروبا إلا أربعة عشر كيلومترا، عبر مضيق جبل طارق، كما يتمتع بتنوع كبير على مستوى تضاريسه (جبال الأطلس والريف، الصحراء الكبرى...)، وطول شواطئه (المحيط الأطلسيٍ، البحر الأبيض المتوسط، 3500 كيلومتر). كما تزخر جهات المملكة المغربية بمؤهلات كبيرة في مجال الطاقة الشمسية؛ فبمنطقة ورزازات وسط المغرب، يتراوح المتوسط السنوي للإشعاع الشمسي الكلي في اليوم على المستوى الأفقي من 3.86 إلى 7.85 كيلوواط-ساعة لكل متر مربع، أي 7.9 إلى 11.2 ساعة من أشعة الشمس كمعدل سنوي يوميا، والطاقة الريحية، التي تتميز بها المنطقة الشمالية بالمغرب خاصة في مدينة طنجة، حيث يصل المعدل السنوي لسرعة الرياح إلى 10 أمتار في الساعة،بالإضافة لمنطقة الداخلة بجهة العيون والساقية الحمراء بالجنوب بحيث تتراوح سرعة الرياح بين 7 و8.5 أمتار في الساعة.

ورغم كل هذه الثروات الطبيعية إلا أن المغرب يعد من أكبر مستورد للطاقة في شمال أفريقيا، لهذا يبذل المغرب جهودا مضاعفة للحد من اعتماده على الوقود الأحفوري المستورد. فالطاقة المتجددة تعتبر مصدر مهم في دول مثل المغرب العربي، التي لديها الاعتماد الكامل تقريبا على شركات الطاقة المستوردة. والمغرب ينفق سنويا أكثر من 3 مليارات دولار على واردات الوقود والكهرباء، مع العلم على أنه يشهد نمو الطلب على الطاقة بمعدل 6.5 في المئة سنويا.

ووفقا لتقرير الوزارة المغربية للطاقة والمعادن، الطاقة الإجمالية المركبة للطاقة المتجددة (باستثناء الطاقة المائية) ما يقرب من 300 ميجاوات في عام 2011. وقد حققت الحكومة المغربية بالفعل هدفها المتمثل في توفير حوالي 8٪ من إجمالي الطاقة الأولية من مصادر الطاقة المتجددة عام 2012 والذي يتضمن توليد الطاقة وتحويلها وتوزيعها، فالمغرب يخطط لاستثمار 13 مليار دولار لتوسيع مشاريع طاقة الرياح، والقدرة على توليد الطاقة الشمسية والكهرومائية التي من شأنها ايصال حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى ٪42 بحلول عام 2020، مع الطاقة الشمسية والطاقة الريحية والطاقة المائية بمساهمة فردية من كل على حدي تصل الي ٪14.

ومن الأسباب التي أكسبت المبادرة المغربية المتمثلة في الاعتماد على الطاقات المتجددة مزيدا من الدعم والتأييد على الصعيد العالمي، هي أن المغرب كان من بين الدول القلائل التي أقرنت الأقوال بالأفعال في ظل تزايد النداءات من أجل الحد من الانبعاثات الغازية التي تهدد الأرض، والتوجه عوضا عن ذلك نحو استخدام الطاقة النظيفة كبديل للطاقات ذات الأصل الأحفوري.

بحيث تمت ترجمة كل الإستراتجية إلى خارطة طريق متضمنة لأهداف محددة وبرامج عمل مفصلة على المدى القريب والمتوسط. كما قام المغرب ببلورة رؤية إستراتجية تتعلق بالنجاعة الطاقية، تهدف إلى تحقيق اقتصاد في الاستهلاك الطاقي يقدر بحوالي ٪20 في أفق 2030. وتستهدف هذه الإستراتجية القطاعات الأكثر استهلاكا للطاقة، وخصوصا قطاعات النقل والبنايات والصناعة، بالإضافة إلى كل من قطاعي الزراعة والإنارة العمومية.

فالمغرب يعتبر من بين الدول العربية الرائدة في مجال الاعتماد على الطاقة المتجددة، وذلك يتمثل في سياسة بناء السدود والتي انطلقت منذ عام 1945، بحيث يعتبر بناء السدود بالمغرب من أهم محاور تدبير المياه السطحية، كما يحظى قطاع الطاقة الكهرومائية بأهمية خاصة منذ سنة 1960، إذ يمثل حوالي ربع قوة الطاقة الكهربائية الوطنية المنجزة (1800 ميغاواط)، ويساهم بـ٪5.1 إلى ٪13.7 من استهلاكه الوطني الصافي للكهرباء، لارتباطه بكمية هطول الأمطار.

أما فيما يخص قطاع طاقة الرياح، فمن بين أهم المحطات المنجزة عام 2000، تم تركيب أول محطة لطاقة الرياح "كوديا البيضاء" بتطوان (50 ميغاواط)، وسنة 2014 شيدت أكبر محطة لطاقة الرياح بإفريقيا (300.1 ميغاواط) بمنطقة طرفاية جنوب المغرب، متفوقة على محطة "أشيغوداي" بإثيوبيا (120 ميغاوط).

في نهاية عام 2016، بلغ إجمالي قوة الكهرباء المنجزة باستعمال الطاقات المتجددة 2845 ميغاوط، منها 1770 ميغاوط للطاقة الكهرومائية، و895 ميغاوط للرياح و180 ميغاوط للطاقة الشمسية.

وفي نهاية 2017، بلغ المغرب ٪34 بالمائة من القدرات المثبتة من الموارد المتجددة في ما يتعلق بالباقة الكهربائية الوطنية، وستعرف سنة 2018 انطلاقة استغلال مراكز نور ورزازات 2، 3 و4، بالإضافة إلى نور العيون 1 ونور بوجدور1. أما قطاع الطاقة الريحية فستعرف سنة 2018 بداية استغلال المحطات المطورة في إطار القانون 13-09 لقدرات تقارب 300 ميغاواط، كمحطتي تازة وميدلت.

كما يتوقع برنامج المغرب في قطاع الطاقة تحقيق قوة كهربائية إضافية تبلغ حوالي 7249 ميغاواط لتلبية الطلب الذي من المتوقع أن يزيد بمعدل ٪5.1 سنويا خلال الفترة الممتدة من سنة 2017 إلى 2020، منها 5403 ميغاواط من الطاقة المتجددة، أي حوالي ٪74، منها 1356 ميغاواط من طاقة الرياح، و3425 ميغاواط من الطاقة الشمسية و622 ميغاواط من الطاقة الهيدرومائية.

مع نهاية 2030، تتوخى هذه الإستراتجية الطاقية أن تكون حصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ٪40 مقارنة مع ٪13 سنة 2016 و٪2 فقط سنة 2009. أي في نهاية المطاف، 1330 ميغاواط للطاقة الهيدرومائية مقابل 4560 ميغاواط للطاقة الشمسية و4200 ميغاواط لطاقة الرياح.

وبذلك أصبح استهلاك الطاقات المتجددة بالمغرب في السنوات الأخيرة بارزا وفي تنام مستمر، وتبرز رغبة المغرب في الانخراط في المنظومة البيئية المعتمدة بالاساس على الطاقات النظيفة، في المشاريع التي تهدف استثمار الطاقات المتجددة بدل الطاقة الأحفورية، ويتجلى ذلك في الشروع في بناء الشطر الرابع والأخير (70 ميغاوط) بمحطة "نور ورززات"، مستعملا تكنولوجيا الأنظمة الكهروضوئية، وهذا يسمح بإنتاج الطاقة الكهربائية مباشرة من الإشعاع الشمسي الذي يتم التقاطه من قبل خلايا نصف-موصلة كهروضوئية. ويجري إنجاز هذه المحطة في إطار شراكة تجمع بين الوكالة المغربية للطاقة الشمسية "مازن"، الفاعل المركزي في مجال الطاقات المتجددة بالمغرب، ومجموعة من الفاعلين الخواص، في مقدمتهم مجموعة "أكوا باور" السعودية؛ وذلك بعد طلب عروض دولية.

ولكون المغرب الدولة الافريقية الوحيدة التي لديها وصلة كابلات الطاقة إلى أوروبا، تلعب هذه الكابلات دورا رئيسيا في خطة الطاقة الشمسية لحوض البحر المتوسط والمعروفة بمبادرة ديزيرتيك الصناعية، بحيث يهدف مفهوم ديزيرتيك لبناء محطات الطاقة الشمسية لتزويد الطاقة المتجددة من منطقة الشرق الأوسط إلى الدول الأوروبية باستخدام كابلات الجهد العالي ذات التيار المباشر (HVDC)، وبالتالي سيصبح المغرب يلعب دورا مهما في تزويد الطاقة المتجددة للدول الأوروبية، وبذلك سيصبح مصدرا للطاقة المتجددة والنظيفة بدلا من أن يستورد الطاقة الاحفورية.

للمزيد من المعلومات يرجى زيارة الموقع التالي:

الوكالة المغربية للطاقة الشمسية