ننظر على كل الشعوب، نجد هناك أشخاص يملكون الديمقراطية ويستغلونها استغلال جيد، وشعوب أخرى نقول سيكون من الجيد لو لم يمنح لهم ذلك، لذا هل يجب أن يتم اختيار النظام محدد لكل شعب حسب خصائصه أم أن الديمقراطية نظام مثالي لجميع الشعوب؟
الديمقراطية هي النظام المثالي لجميع الشعوب، أم أن كل مجتمع يحتاج إلى نظام حكم يناسب خصائصه؟
رغم أن الديمقراطية تُعتبر من أكثر أنظمة الحكم التي تحقق التوازن والعدالة في نظر المجتمعات، إلا أنها ليست خالية من العيوب أو ليست الأمثل أصلاً برأيي، فيها مساوئ كثيرة، مثل أنها قد تؤدي إلى اتخاذ قرارات قصيرة المدى وغير مدروسة بسبب تركيز السياسيين على نيل رضا الناخبين على حساب الأهداف طويلة الأمد، كأمريكا مثلاً، شيء مقرف أن يتم أخذ الاعتبار لمصير الشعب بأكمله بناءً على رأيه لا بناءً على الأفضل له.
أصلاً الديمقراطية جداً أمر شعبي وممكن يأخذنا لمسارات غبية بالمستقبل، الاختيار الشعبي اختيار غبي أحياناً، وخاصة حين يستغل بعض السياسيين العواطف والمخاوف لكسب الأصوات بدلاً من تقديم حلول حقيقية، هذا طبعاً إذا لم نتحدث عن هيمنة الأكثرية على حساب الأقليات، مما يتسبب في تجاهل حقوقهم ومصالحهم.
هذا طبعاً إذا لم نتحدث عن هيمنة الأكثرية على حساب الأقليات، مما يتسبب في تجاهل حقوقهم ومصالحهم.
كيف ذلك؟ فمن المفترض ان الديمقراطية تعطي الحق للجميع ان يطالب بحقوقه سواء كان أقلية فهي تكفل حرية التعبير بالأساس.
اعطيك مثل من فرنسا الديمقراطية ...
هناك اقلية مسلمة ...
الاكثرية قررت منع حجاب الطالبات في المدارس ( والكثير من الاماكن الاخرى )...
مثال ثاني من سويسرا ... حيث الاغلبية النشطة في التصويت هم كبار العمر ( متقاعدين او على وشك التقاعد )... وتمكنو بالاغلبية من اكتساب راتب تقاعدي اضافي ( مايسمى راتب ١٣) ولا يوجد اموال كافية اساسا بالصندوق وسيتطلب تمويله من الضرائب وهذا يضر الفئة العاملة التي تدفع للصندوق وستتقاعد بعد ١٠ او ٢٠ عام دون وجود اموال لأنها تتبخر ...
الديمقراطية بحد ذاتها نظام مثالي، لكن لو طبقناه بين شعب جاهل وشعب واعي، سنرى الفروقات الرهيبة التي أحدثها النظام هنا وهناك من حيث السلوكيات وردود الفعل، لذا التطبيق يجب أن يكون مشروط بمدى أهلية الشعب لهذا النظام وأنه لن يسيء استخدامه.
الديموقراطية هي افضل ما توصل إليه البشر في العلوم السياسية، ولا مناص من إنكار ذلك، فأنجح الدول والمجتمعات هي دول ديموقراطية، وذلك بسبب ما يأتي بالتبعية مع تطبيق الديموقراطية.
١- الشفافية:
- الشفافية المالية: فالديمقراطية بمعناها الشامل يأتي معاها الشفافية والمحاسبة المالية والنقدية للافراد والجماعات والمنظمات والمؤسسات الحكومية قبل الخاصة، فيكشف أي غش او فساد مالي. ويعُرف نواب الشعب والشعب نفسه اين يذهب كل فلس وفأين يصرف وما عوائده.
- الشفافية الحكومية: فالحكومة ملزمة أمام مجلس النواب أن تقدم تقرير بجميع ما يطلبه محلس النواب من معلومات، وتعقد جلسات استماع يُسمع فيها اقوال الحكومة أمام البرلمان في كل ما يريد البرلمان الاستفسار فيه. ومعني ذلك أن نواب الشعب المنتخبون والممثلون عنه، هم رقباء علي أفعال الحكومة، فيمنع بذلك اي فساد إداري حكومي، سواء مادي أو محوسبية أو إداري.
٢- الحرية:
- وجود نظام حكم ديموقراطي معناه حرية شاملة للمواطن وما يحمله هذا المفهوم من معاني مختلفة، فيتضمن الحرية الشخصية، والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
٣- المساواة:
- وجود نظام ديموقراطي حقيقي يضمن جميع أشكال المساواة بين افراد المجتمع الواحد، وبين جميع الجنسيات والاعراق والاديان لكل من يعيش داخل حدود الدولة، فلا وزير افضل من عامل نظافة ولا رئيس دولة افضل من مواطن، ولا رجل أعمال افضل من موظف. الجميع سواسية وعلي مسافة واحدة من القانون وبما يتضمنه من حقوق وواجبات.
٤- العدالة:
- يضمن نظام الحكم الديموقراطي سيادة العدالة، أي أن الظالم أي من كان ستكون عاقبته السجن أو الغرامة أو الإعدام إذا جازه القانون. فدفع الظلم وإنصاف المظلوم هي سمة العدالة الاساسية. وبما أن الديموقراطية قائمة علي حكم الشعب لنفسه. فذلك يضمن أن القضاء الذي يقف أمامه افراد هذا الشعب يجب أن يكون نظيفًا وعادلًا. ولذلك لا يمكن أن يكون هنالك دولة ذات نظام عدالة غير منصف أو قضاء مسيس أو فاسد وأن تكون ديموقراطية في نفس الوقت.
تأتي الديموقراطية بأشكال مختلفة وبطرق مختلفة، ومن هذه الأشكال ما هو غير كامل أو هجين من نظم سياسية اخري. ولكن الديموقراطية بمعناها الشامل هي انجح نظم الحكم التي توصل إليه البشر.
أنت تتحدث من وجهة نظر نظرية، يعني النظام بحد ذاته هو جيد جدا وممتاز أيضا، ولكن إن طبقناه بشعب ما قد نجد عيوب لا تعد ولا تحصى
لا طبًعا الديموقراطية هي نظام مطبق واثبت نجاحه. الديموقراطية خرجت من كونها نظرية منذ أن طبقت في اثينا، في القرن الخامس قبل الميلاد. اي انها نظام حي ومثبت ومعروف منذ اكثر من الفي سنة. هذا النظام تتطور واخذ أشكالاً مختلفة حتي وصل إلي أشكاله المعروفة في العالم المعاصر. تطبيق الديموقراطية بشكل خاطئ لا يعيب الديموقراطية نفسها بل الأفراد الذين فشلوا في تطبيقها.
تخيل أربعين شخص داخل باص لهم الحق في توجيه السائق إلي الطريق الصواب، الاستماع لهم جميعاً سيؤخر الوصول أو يجعله مستحيل وربما يعرفوا الطريق الصحيح ولكن بعد نفاذ الوقود الكافي لتحرك الباص، هكذا أرى أنا الديموقراطية.
ولكن هذا لا يعني أنني داخل هذا الباص عندما يكون السائق فقط صاحب القرار سأكون مطمئن، وخصوصاً لو كانت ملامح الطريق الذي اتخذه لا تدل على اقترابنا من الوجهة المرجوة، أنا مع وضع القرار في يد واحدة رغم الجميع شرط أن يكون صاحب القرار مدرك ما يفعله ويعرف كيف يحققه.
التعليقات