تتعدد الخسارة وكلٌّ منّا لديه ما يخشى فقده وخسارته ؛ فما أكثر شيء تخشى خسارته؟
ما هو أكبر شيء تخشى خسارته في الحياة ؟
أخشى خسارة نفسي في محاولة استرضاء الآخرين، ورغم أنني دائماً أكون حريصاً على أن أفعل ما أقتنع به، إلا أنني أخاف الوقوع في ذلك المأزق وينتهي بي الحال وأنا شخص غير شخصي، حققت أحلاماً ليست أحلامي.
وكذلك أخاف أن أختار شريكاً لحياتي بشكل خاطئ، وأن أعاني نتيجة هذا الإختيار.
أخاف كذلك من أن أكون من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
ماذا عنك؟
الإجابة تلامس فيّ جزءًا كبيرًا حيث أنك ذكرت مخاوفي '(
أخشى خسارة ( نفسي ) أيضًا ..
أخشى أن أتحول يومًا لنسخة أمقتها، وأن أُبتلى يومًا بما لا أستطيع عليه صبرًا.
أخشى الفقد ، أنا شخص أقرب للتعلق منه إلى الجفاء، اللحظة التي أتخيل فيها أني قد أفقد عزيزًا قد أنهار بكاءً من عجز التخيل.
أخشى أن أسلك طريقًا لا سواء فيه ولا استقامة، وأن أُفتن أو أضلّ سعيًا.
أخشى أن أعطي هذا القلب لمن لا يستحق، أو أؤذى في مشاعري ولا أنعم بما أرجو من حياة أسرية دافئة.
يعلم اللّه أن هذا القلب يؤمن بقدره ويتيقن في كرمه، لكنها النفس وما يتملكها من رهبة، آمن اللّه روعاتنا ورزقنا الطمأنينة.
ونعم بالله العلي العظيم، ولكن "لا تنس نصيبك من الدنيا " يا محمد، ثمة أشياء دنيوية ولكنها مرتبطة إرتباط وثيق بإيماننا وتستحق أن نقدرها حق قدرها ونخاف من الفشل في تحقيقها، مثل اختيار شريك الحياة، والسعي نحو تحقيق هدف وجودنا في الحياة واستخلافنا في الأرض.
بالتأكيد الخسارة العظمى هي خسارة رضا الله عنا، ولكن فيما يخص هذه النقطة بالتحديد فعدد لا بأس به من الناس يستخدمونها في غير محلها، كالتعبير عن شجاعتهم وأنهم لا يخشون شيئاً على الإطلاق كأن يقول لك أحدهم "أنا لا أخاف من أي شيء، أنا لا أخشى سوى من الله"، فينكر كل مخاوفه وهو الامر الذي لا جدوى منه من وجهة نظري، فالخوف أحد المشاعر الطبيعية الموجودة فينا، وادّعاء عدم الخوف فيه إنكار لحقيقتنا، فنحن نخشى الله في المقام الأول ونخشى من بعض الأمور الدنيوية التي نستمد الامان في مواجهتها من الله .
القضية ليست في إثبات أننا لا نخاف، ولكن القضية في اختيار هل مخاوفنا قابلة للمشاركة مع الآخرين ؟ بالنسبة لي لا أفضل البوح بمخاوفي لأحد .
أحترم خشيتك من اللّه ولا يستطيع أحد التقليل من أمر كهذا يا مُحمّد، وخسارة الدين بالطبع أكبر خسارة قد يتعرض لها الإنسان في عمره.
لكن هل نتملّص من فطرتنا بشأن وجود مشاعر متباينة من ضمنها ( الخوف ) ؟ وهل ننكر أنه شعور إيجابي في درجته المعقولة ويساعدنا على التقدم.
دعنا من هذا ، النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال : لا تؤذيني في عائشة، ألا تلتمس في المقولة خوفًا على المحبوب والا يمسه أذى ؟
الخشية قد تكون معنوية يا مُحمّد، قد تخشى أن تصبح قاسي القلب، قد تخشى أن تكون أبًا غير صالح، أو تفقد ما تعلق به قلبك.
الخوف فينا وهو ما يجعل إيماننا ويقيننا يترسخ يومًا بعد يوم ، فنتذلل للّه القويّ الشديد وندعوه أن آمن روعاتنا .
لقد قرأتُ مرة: "أنت لا تعرف شيئًا عن الخسارة الحقيقية، فهي لا تحدث إلا عندما يحب الإنسان شيئًا أكثر من نفسه"
لا أخاف شيئًا مثل خوفي من أن أفقد نفسي، ضحيتُ بأشياءٍ كثيرة يُنشدها الآخرون من أجل أن لا أخسر نفسي، وفي هذا العالم القاسي لا شيء أصعب من أن تكوني أنتِ في الوقت الذي يحاول الآخرون أن يجعلوكِ هم، لذا فأنا أخاف جدًا أن أفقد نفسي والطفل الذي أحتفظ فيه بداخلي ويمنحني القدرة على الدهشة والاستمتاع بكل ما هو جميلٌ وبريءٌ في هذا العالم،
وأنتِ ممَّ تخافين يا نورهان؟
التعليقات