ما هي أغرب خدعة نفسية قرأتها أو تستخدمها؟

بالتأكيد هنالك العديد من الحيل النفسية التي يستخدمها البعض ضد الآخرين. أمّا من هذا المنطلق، فأنا لا أحبّذ على الإطلاق العمل بمثل هذه الآليات مع الآخرين. لكن في ظل ذلك، أرفض من جهة أن يعاملني الآخر بهذه الطريقة، ولا أقبل التعامل مع الشخص الذي ينتهج هذا المنهج مع الأشخاص من حوله، لأنني أرى أن المجتمع هو تطبيق حي للمقولة التالية:

إذا كانتَ تظن أنك أذكى من في الغرفة، فاعلم أنك في الغرفة الخطأ.

لذلك السبب أجد أن فكرة التعامل مع الآخرين من خلال ستار أو حيلة ما هو إلّا نقص في المهارات الاجتماعية، والعمل على صقل هذه المهارات يتناسب عكسيًا مع رغبتنا في خداع الآخرين.

من بين الخدع النفسية التي أستعملها في طلب الأشياء من الآخرين وجعلهم ينفذونها وهي طلب شيء صعب وانا أعرف أنهم غير قادرين عليه، وما إن يصرّحوا بعدم استطاعتهم أظهر استيائي ثم أقول على لو أجد من يقوم بفعل (وأطرح طلبا اقل من الاول) فيبادرون بتنفيذه مباشرة مع أنني لو طلبته من البداية ربما سيرفضون ذلك.

وهذه ربما خدعة نفسية أخرى، اجعل بها الشخص الكتوم في حياتي يفضفض ويخبرني عن ما يزعجه وهي البداية بطرح سؤال: ما هو أفضل شيء حدث معك اليوم؟ وبعد أن يجيب أنتقل إلى سؤال آخر، وهو: ما هو أسوء شيء حدث معك اليوم؟

فيبدأ بالفضفضة دون أن يدري ثم يرتاح دون أن يشعر أنه كثير الشكوى والتذمر من حياته وإن كان ما يزعجه بحاجة إلى حل قد أساعده في ذلك.

بحكم عملي في المجال الطبي، فإن إخبار المريض بأنك تعطيه قطعة ذات جودة عالية في الطرف الصناعي أو أن تريه فيديو لشخص يستعمل نفس الركبة الصناعية أو القدم ويؤدي مهامه بشكل ممتاز، يخفف من شعوره بالألم الناتج عن الضغط في البداية ويزيد من ثقته بالطرف الصناعي، مما يحسن من أدائه الوظيفي، ففي كثير من الأحيان الخوف من الشعور بالألم أو الوقوع يسبب ألم مضاف على الألم الموجود مسبقًا.

كما أن ال placebo effect أو تأثير الدواء الكاذب مثبت علميًا، فيمكن في بعض حالات الاكتئاب ذات المنشأ النفسي استخدام أقراص من السكر كمضادات اكتئاب دون معرفة المريض، وستتحسن حالته بشكل ملحوظ والاستجابة تكون من الدماغ الذي يتم خداعه بأنه من المفترض أن يتحسن فيتحسن بالفعل.

الخدع النفسية تستخدم طوال الوقت في المجال الطبي ولها آثارها الإيجابية إذا استخدمت بحكمة وبعد تقييم دقيق من قبل المختص لحالة المريض الفزيولوجية والنفسية.

بصراحة لا أستخدم هذه الأساليب مع أحد وأفضّل قول الصراحة وعدم إستخدام الحيل خصوصًا في مجال عملي وتعاملي مع أشخاص أذكياء لا تنطبق عليهم الحيل البسيطة، ويمكن أنّ هذا أمر شخصي يتعلق بي كوني لست من محبيّ الخدع وممن يحبون أن يعاملوا الآخرين بشفافية حتى لو كان ذلك على حساب راحتي الشخصية بشكل عام.

في مرة من المرات قرأت عن حيلة أنه :"إذا كنت تريد من الشخص المقابل أن يحمل شيء تابع حديثك و استمر به , و قم بتمرير الشي المرغوب بحمله , حيث أن معظم الناس يأخذون الشيء المرغوب بحمله بشكل تلقائي "، وبالفعل قمت بتجربتها عدة مرات، والحقيقة لا زلت مستمرة بفعل ذلك مع أصدقائي وعائلتي.

في كثير من المواقف اجد نفسي وجها لوجه مع معالجة عاجلة يجب ان تتم وإلا يمكن ان تحدث انتكاسة او سوء فهم. هنا استخدم مصطلحات وكلمات واذكر تجارب تجذب الاخر نحوي ولغة الجسد التي استخدمها اخفف بها غضب غيري او ثورته على مواقف معينة.

وفي اثناء احدى الدورات التدريبية التي شاركت فيها كمدرب، كنت ارتدي قميص لونه اخضر بارد، وما ان بدات في المحاضرة حتى طلبت احدى المشاركين مني ان افسر لها سبب اختياري هذا اللون وهل هو المحبب لي؟ ولم تنتظر اجابتي حتى انهت حديثها بالقول: انه لون الموتى ويصيبني بالكآبة والامتعاض!؟

لقد كانت المُشَاركة ذكية جدا، لم تقصد اي شيء مما قالته، بل ارادت قياس مدى قدرتي على امتصاص الاخر؟ وكيفية معالجتي للمواقف الطارئة؟ وايضا معرفتي بتفسير ظاهرة تأثير الألوان على البشر؟

ابتسمت لها بعدما اقتربت من مكانها، وقلت لها انا بالفعل اللون الاخضر البارد لا يروق لي، ولكنني كنت في حفل تابين لاحد الأقرباء ولا يصح ان نلبس ملابس الافراح! ثم اخبرتها انني سعيد جدا بمبادرتني للمشاركة في الحديث فهذا يدلل على شجاعتها وقدرتها على التعبير عن نفسها. وقمت مباشرة بتوجيه سؤال لها عن اي من الألوان المفضلة لها ولماذا؟ وهل ترغب في أن أغادر القاعة لتغيير القميص؟

ماذا فعلت؟ قمت بتوجيه السؤال لها وبالتالي عليها ان تبحث عن نفسها، ثم استعنت بالمشاركين الاخرين لكي يقرروا هل عليَّ المغادرة ام عليها المغادرة؟ وهل بالفعل الالوان مدعاة لان تقف امورنا عندها وهل هي عامل اساسي ام جانبي؟

لقد استفدت جدا من لغة الجسد والمحاورة وفهم ابعاد تفكير الغير في رد الكرة سريعا بالاتجاه الاخر وربما في كافة الاتجاهات مرة واحدة حتي يكون لصوتها وحركتها عامل لفت للانتباه وبالتالي تأثير رد فعل منعكس استفيد منه في استعادة زمام الامور وهذا ما حدث بالفعل!