"التعلّم في الصغر كالنقشِ على الحجر".
لا يمكنني إلّا الجزم بصحة هذه المقولة، فالطفولة واحدة من أبرز المراحل التي أثّرت في تكويننا بدرجة لا ندركها.
ما هي أبرز ذكري من فترة الطفولة لم تنسوها حتى يومنا هذا؟
في أحد سنوات المرحلة الابتدائية أو ربما في بداية الإعدادية كنت في حصة للغة الإنجليزية وكانت هناك كلمة لا أعرفها فسألت المدرس عنها، فسخر مني وضحك أصدقائي، صمت حينها ولم يبدو علي أي تعبير، ولكن منذ تلك اللحظة تعهدت على نفسي أنني لن أسأل أحدا عن أي معلومة مرة أخرى، وأي شيء لا أعرفه سأبحث عنه بنفسي.
مرت السنوات وأنا الأن في السنة قبل الأخيرة في كلية الهندسة، بالطبع تجاوزت الأمر عندما ذهبت للجامعة، ولكن بسبب هذا الموقف تعلمت مهارة البحث بشكل لا يمكن تصوره، فصرت ابحث عن كل شيء بنفسي وأوجد لنفسي مصادر للتعلم حتى لا اضطر لسؤال أي شخص، الحقيقة رغم أن الموقف ترك أثرا في نفسي عندما كنت طفلا إلا أنني اكتسبت مهارة لا تقدر بثمن، وهي مهارة التعلم الذاتي التي لا زلت أعتمد عليها حتى اللحظة.
هذا الموقف يعد نموذجًا رائعًا لتخطّي الأزمات النفسية الناتجة عن التنمّر وسوء الإدارة من المعلّمين وذوي الأمر بطريقة رائعة. أحييكَ يا صديقي وأتمنّى منكَ أن تعمل على نشر تجربتكَ وبثّها، لأن الأطفال والمراهقين يحتاجون إلى مثل هذه الآليات في التغلّب على هذه الذكريات السيّئة، علاوةً على ما قد يعانونه في عصر الميديا والانتشار المتسارع والرواج الملحوظ لمثل هذه الأفعال والسلوكيات.
أتذكر وأنا في الصف الرابع الابتدائي، أن صديقتي طلبت مني أنا وابنة خالتي الذهاب معها إلى منزلها، صديقتي منزلها بعيد عن المدرسة وأنا أيضًا منزلي بعيد عن المدرسة لكن الفرق أن منزلها في شمال المدينة وأنا في الجنوب، تخيّل أنني سأذهب معها إلى أخر المدينة وبالقرب من السلك الشائك بيننا وبين الاحتلال فالأمر مخيف جدًا، المهم ذهبت معها وفي منتصف الطريق حصل حدث أمني غير متوقع، لا أعلم ماذا حصل لي ولكن أتذكر أنني عدت إلى المنزل مهرولًة، لا تحملني قدماي ناهيك بأنّ يدي ترتجفان بشكل غير طبيعي. ليس هذا فقط، فوالدي أخذوا يوبخاني وتم معاقبتي على هذا التصرف وهز الذهاب مع زميلتي على منزلها مع أنني لم أصل ولكن حدث ما حدث، وكأن أسوأا يوم في طفولتي يمر عليّ. المهم أنني طفلة صغيرة تعلمت أن أخبر والدي قبل اخبارهم. الدرس بسيط ولكن لطفلة قد يبدو مهم.
التعليقات