هذه المقولة للفيلسوف رينيه ديكارت، حاولت تقسيرها وبدأت أتساءل هل حقًا الحواس تخدعنا؟ أم أن لها تفسيرًا آخرًا؟
الحواس تخدع من آن لآخر، ومن الحكمة ألا تثق تمامًا فيما خدعك ولو مرة واحدة، ماذا يقصد بهذه المقولة؟
هذا غريب !
لأنني أمرّ بحالة شبيهة بهذا الخداع ، تخدعني حواسي بشكل مريب ، فتارة يخيل إلي أنني أشتم رائحة تذكرني بماضٍ يغمرني شوق إليه ، أشتم رائحة تذكرني بوطني فأعود بالزمن لسنوات .. و لكن ! تتلاشى هذه الرائحة على نحو مقلق ، و كأن الوطن قد أرسل لي نفحة آنية من نفحاته لينعش بها قلبي !
حالة أخرى أن تخدعني عيناي أنني أرى صديقة فارقتها منذ زمن ، و لكنني أستوعب بعد اقترابي أن من رأيته شخص آخر .
ربما هو الشوق يجعل الحواس تخترع أموراً غير واقعية ، و هذا أول انطباع حصلت عليّ بعد قرائتي لهذه المقولة العجيبة !
ولكن تقوى ألا تلاحظين بأنه طالما حواسنا تخدعنا، إذًا لا نطمئن لأصدقاءنا أو من يدعي بأنه صديق لنا، فربما يخدعونا أيضا، لهذا قال ديكارت هذه المقولة تحديدًا؟
و لكنني أثق بالقلب و أرى أنه الحاسة العظمى لدى الإنسان ، فلذلك حتى لو فقدنا الثقة بكل حواسنا يجب أن نثق بقلوبنا لأنها لا تخطئ ، نعم هناك أمور من الصعب التأكد منها و لكن نحسبها من ضمن ابتلاءات و محن هذه الحياة ، خداع الناس لنا و نفاقهم هو درس لنا يعلمنا و يقوينا و ليس أمر نستطيع منعه أو يجب علينا ذلك ، إنما الحذر واجب في كثير من الأحيان .
مهما قال لك القلب صدقه ، فنحن أحياناً نتلقى إشارات من القلب و لكننا نتجاهلها لأننا نريد أن نصدق عيوننا و التي من الممكن أنها ترى سراباً يخدع العقل و لكنه لا ينطلي على القلب ، أحياناً تحس بضيق عندما تجلس مع أحد يتصرف معك بلطف و لباقة ، و لكنك تقمع ذلك الشعور لأنك تظن أنك قد اكتسبت صديقاً .
و المهم هنا أن تدعو الله أن يلهمك و يهدي قلبك على الدوام ، و ستستقيم حياتك بعد ذلك .
كان ديكارت من أنصار لنقد المستمر والمتأصل للوظيفة الأساسية للأعضاء إن صح التعبير، أي أنه من منطلق أن حواسنا المادية التي نتلقّى بها البيانات من العالم دائمًا محدودة، فإن معرفتنا الحقيقية بهذه المعلومات تكون محدودة أيضًا.
لكي نفهم ما يعنيه ديكارت، إليكم بالمثال التالي. بالنسبة للون المجرّة، والأجرام السماوية، والبحر، والسماء، والزرع، وما إلى ذلك من علامات طبيعية. تعتمد خاصية اللون المتعلّقة بالمادة على المستقبِل، وهذا المستقبِل هو عين الإنسان. وإذا كانت عين الإنسان قادرة على تمييز هذه التردجدات الموجية الخاصة بالضوء المنعكس من الأجسام، فإنها تستطيع أن تمنح الشخص رؤية لونية بالصورة الصحيحة. أما بالنسبة إلى أشخاص آخرين مصابين بعمى الألوان مثلًا، فإنهم يتناولون الكون من منظور لوني آخر، تختلف فيه هذه الترددات من حيث النتيجة، وعليه فإنهم قد يرون الأشياء بترجمة لونية أخرى في بعض الأحيان. وعليه، فإن ديكارت يرى أن هذه العملية مرهونة دائمًا بقدراتنا البيولوجية المحدودة، والتي بدورها تخدعنا كي تضعنا في حيز من الوعي أصغر من حقيقة الأشياء نفسها.
فإن ديكارت يرى أن هذه العملية مرهونة دائمًا بقدراتنا البيولوجية المحدودة، والتي بدورها تخدعنا كي تضعنا في حيز من الوعي أصغر من حقيقة الأشياء نفسها.
هل يرى ديكارت أن الانسان لا يستطيع أن يميز أحيانًا بين الصح والخطأ، كون الدورات البيولوجية لا توضح لنا الأمر برمته على حقيقته؟
أحدث ديكارت "ثورة الذات" التي تميز الفلسفة الحديثة: موضوع التفكير هو بداية الفلسفة (وبالنسبة إلى ديكارت ، فإن الشيء الوحيد الذي قد يكون موضوع التفكير مؤكدًا منه هو شكه الخاص) . كما قدم ازدواجية لا تزال تطارد الإنسان المعاصر: الثنائية المادية / الروحانية ، التي تغلغلت في النقاش في أيامنا هذه.
الحواس الخمس ام الحاسة السادسة وهي الكامنة في البعض منا .. ان ديكارت هو فلسفي قد اسس لنظريات الشك وقد انتقده الكثيرة من الفلاسفة في زمنه وبعد ذلك، ولكن بقيت مقولاته مادة متداولة ويتم ترجمتها وفق حاجة الفرد نفسه لتفسيرها لتتناسب ما يريد (تفصيل) أو انه يرفضها لأنها وظفت باتجاهه بصورة سلبية قد سببت في (اذيته).
التعليقات