لا شيء يأسرُ قلبي مثلَ كاتب يُجيد وضع علامات الترقيم في محلِّها الصحيح، ويُجيد معظمنا وضع الشولة (،) والنقطة (.) والنقطتين (:) في أماكنها الصحيحة، لكنِّي قلّما رأيت من يتلفّت للشولة المنقوطة، وإنِّي أظنُّ معشر المبرمجين أكثر اكرامًا لهذه العلامة منّا معشر الكتّاب.

اليوم أوضِّح الأماكن الصحيحة لكتابة هذه الشولة المنقوطة وأضع الأمثلة، وما أكتبه مقتبس من كتاب قيِّم يُدعى "الترقيم وعلاماته في اللغة العربية" للعلّامة المحقق الأديب الكبير أحمد زكي باشا.

1-بين المفردات المعطوفة، إذا قصُرت عبارتها وأفادت تقسيمًا أو تنويعًا

ليس فقط أن تكون المُفردة معطوفة، بل يجب أن تكون قصيرة العبارة، وتُفيد التقسيم والتنويع في الوقت ذاته.

لو لاحظت جملتي الماضية، فقد وضعتُ الفارزة العادية لأنّ الكلام ليس قصيرًا ولم يفد التنويع. متى ستتحقّق الشروط إذًا؟

خير الكلام ما قلَّ ودلّ؛ ولم يطُل فيملّ.

للتفريق بين الفارزة المنقوطة والعادية، فكِّر أنّك مع العادية ليس من الحسن أن تتنفَس وأنت تقرأ الكلمات؛ والمنقوطة يسكتُ معها القارئ سكوتًا يجوز معه التنفّس.

أترى أنّي استخدمتُ المنقوطة في الجملة السابقة؟ هذا هو شرطها الثاني

2-قبل المفردات المعطوفة التي بينها مقارنة أو مشابهة أو تقسيم أو ترتيب أو تفصيل أو تعديد أو ما أشبه ذلك.

هذا ما فعلته في الجملة الماضية، كنتُ اعطف بين جملتين فيها مقارنة، وكان يحسُن السكوت وأخذ النفَس في ذلك الموقف.

هاك مثالًا آخرًا

إنَّا وجدنا الناسَ قبلنا كانوا أعظمَ أجسامًا، وأوفرَ مع أجسامهم أحلامًا؛ وأشدَّ قوةً، وأحسنَ بقوَّتهم للأمور إتقانًا؛ وأطولَ أعمارًا، وأفضلَ بأعمارهم للأشياء اختبارًا.

3-قبل الجمل الموضحة أو المؤكِّدة لما قبلها

يقول تعالى: "ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون؛ يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا"

هذه الشروط الثلاثة لوضع الفاصلة المنقوطة والتي ذكرها أحمد زكي باشا في كتابه، هل تطبّقونها في كتاباتكم؟ وهل لكم اختصارًا ذهنيًا يُنبّهكم لوضعها في الوقت المناسب؟