هل كانَ يتصور امرؤ القيس وهو يمارسُ هواياتِه؛ منفصما أمام الواقع والحلم أنه يخلدُ في الذاكرةِ؟ أو كانَ الشنفرى وهو يكابدُ مغامراته يحتسب أن يُتدارسَ خبره بعد مئاتِ القرون؟ أو كان عنترةُ يتوقع أن يسافرَ شعرهُ عبر الزمن حافلا ببطولاتِهِ؟ أو كانَ المتنبي والجاحظ، والمعري، وجميل بن معمر، وكثير عزةٍ، وغيرهم إذ تفيض أشعارهم باللغة العاليةِ يتصورون حالها الآنَ؟
ليستِ الإجابةِ على هذه التساؤلات في حد ذاتها مهمة، بقدر ما تتيح من فلسفسةٍ ملهمةٍ تفضي إلى الإمعانِ في تأمل خصائص هذه الحاضنةِ المستوعبَةِ كل الإضافات، والإسهاماتِ بكل مستويات المعرفة.
إن اللغة العربية في مسيرتها الطويلةِ ظلت محافظةً في اتزانِ، حاملة التاريخ الإسلامي العربي، وجادة في استيعاب الأطروحات المعرفيه التي تصاغ بها، وإنها لجديرةٌ لما تتسمُ به من صفاتٍ تمكنها من القيام بهذه المسؤولية. وهذا هو معنى اللغةِ في اللغةِ ولا يجزئ في تعريف اللغة تلك العبارات التي تحد من بعدها الإنساني، وتصورها كلاما سطحيا يؤخذ على ظاهره، وإن كان لهذا المعنى وجه من الورود، إلا أنه ليس تعريفا كاملا للغة في معناها الأعم.
التعليقات