السفر لغة هو الظهور والكشف، وقد سُمي كذلك لأنه يُسفر عن أخلاق المسافرين من الناس وسلوكهم وشخصياتهم، فيظهر ما كان خافيا منها، ويكشفه أمامنا رأي العين. قال ابن فارس في معجمه (مقاييس اللغة) : "السين والفاء والراء أصل واحد يدل على الانكشاف والانجلاء، وسمي بذلك لأن الناس ينكشفون عن أماكنهم.". ووفقا لذلك، فَأَنْ تسافر معناه أن شيئا ما سينكشف في شخصيتك، ربما لم تكن على علم به، أو لم يعرفه الناس فيك من قبل.

وقديما قال الشافعي:

ما فـي المقام لـذي عقل وذي أدب ** مــن راحـة فـــــدع الأوطـان واغتــرب

سـافر تجـد عوضـا عمـن تفـارقـه ** وانصب فإني رأيت لذيذ العيش في النصب

إنــي رأيــت وقــوف الماء يفسـده ** إن ســاح طــاب وإن لـــم يجـــر لم يطــب

والتبــر كالتــرب ملقى فــي أماكنه ** والعــود فــي أرضــه نــوع مــن الحــطب

فإن تغــرب هــــذا عــــز مطلبــه ** وإن تغـــــرب ذاك عــــــــز كالــــــذهب

فحين تتأمل هذه الأبيات الشعرية سترجو بكل تأكيد أن يكون اسمك في لائحة الرحالة ممن ضربوا في مشارق الأرض ومغاربها كابن بطوطة وماجلان وغيرهم، لا لشيء إلا لأن السفر والرحلة يجلب لحياتنا القوة والمناعة واتساع الأفق، وتطوير الأفهام والمدارك، ويمنحنا قصصا وروايات وأحداثا نرويها شفاها أو كتابة فنجد فيها المتعة والفائدة لنا وللآتين من بعدنا.

لكن، وبغض النظر عن فوائد السفر والتنقل بين البلدان، وأثرها الإيجابي فينا، كيف يمكن للسفر أن يُظهرنا على غير ما كنا عليه في بلداننا؟ ما هي الدولة التي ترغب بالسفر اليها مستقبلا؟