يقولون: الرحيل حديثه الصمت، وعندما يفيض يكون لسانه الدموع. فماذا عن حديث لسان الشعر في هذه اللحظة المتأججة بالأشواق والحنين، الشاقة على النفوس المرهفة، المحطمة للأبدان. حقا لا يدرك غلبة هذه اللحظة إلا من عاشها واحترقت أنفاسه فيها. فماذا يتلو سامي البارودي من ديوانِ فواجعه في الرحيل؟ وكيف يبث لنا صرخة الفقد شاكيا لوعة الفراق وآلامها؟

وكيف أملك نفســي بعـد ما ذهبت ** يوم الفراق شَعاعا إثر من رحلوا

تقسَّمتني النّوى من بعدهم وعدت ** عنهم عَـواد فـلا كُتْــب وَلا رُسـل

فالصبـر منخـذل والدمـع منهمـل ** وَالعقــل مخْتبِـل والقلـــب مشتغــل

إنها لحظات قاسية وعصيبة واجهها الشاعر، يكشف عن قساوتها ما نقرؤه في هذه الأبيات الشعرية من آهات لم يتمالك فيها نفسه التي تفرقت وتمزقت وانهارت بالكامل، إلى درجة اختل فيها توازن عقله، وجرت العينان بالدموع، وبين الضلوع قلب مشغول في وجدهِ، ووتأميلِ اللقاء بعد الفراق.

هذا غيض من فيض تجربة الشاعر محمود سامي البارودي مع الفراق والفقد والبعد. وأنتم ماذا عن تجاربكم؟ كيف تصفون لحظات الفراق والرحيل؟ شاركنا بتجربتك مع شخص رحل عنك؟