ربما يظن الكثيرون أن ارتباط القهوة بالأدب ما هو إلا إرتباط عاطفي متعلق بعادات الشاعر أو الكاتب وعواطفهم تجاه هذا المشروب، فلا ظهور لها في الأدب ولا تأثير لها عليه إلا نادراً، دعني يا صديقي الحسوبي أنسف هذه النظرة من دماغك كلياً، لعلك لست من محبي القهوة أو انك ممن يميلون إلى الغريم التقليدي أي الشاي، ولكن كونك دخلت إلى مساهمتي هذه فحتماً أنت محب للشعر والأدب.. مرحباً بك .
أما أنت يا محب القهوة أقبل للتلذذ بأبيات عن معشوقتك، يقول أبو تمام :
وَقَهوَةٍ كَوكَبُها يَزهَرُ
يَسطَعُ مِنها المِسكُ وَالعَنبَرُ
وَردِيَّةٌ يَحتَثُّها شادِنٌ
كَأَنَّها مِن خَدِّهِ تُعصَرُ
أبيات غزلية رقيقة كانت القهوة بطلتها، تلك القهوة التي تسطع بالمسك والعنبر، والتي تحرك مشاعر الشاعر وتلهمه، لنرحل إلى شاعر آخر يشارك أبو تمام حبه للقهوة أيضاً، لنطلع على ما قاله ابن المعتز :
داو الهمومَ بقهوة صفراءِ
وامزُج بنارِ الرّاح نورَ الماءِ
ما غركم منها تقادمُ عهدها
في الدن غيرَ حُشاشة صَفراءِ
ما زالَ يصقُلُها الزّمانُ بكرّهِ
ويَزيدُها من رِقّة وصفاءِ
يا لها من أبيات عذبة، وإن قيل أن القهوة هنا يراد بها الخمر، ولكنني أراها أبياتاً تنصف القهوة التي نحبها إذا ما اعتبرناها المقصودة، وهنا نأتي إلى تساؤل آخر وهو ما علاقة القهوة بالخمر ؟
إن القهوة في اللغة هي اسم من أسماء الخمر قديماً، وستتعجبون لو قلت لكم أنها كانت تعامل معاملة الخمر سابقاً حيث قام علماء الدين بتحريمها ومعاقبة صانعها وشاربها وبائعها بدعوى أنها مسكرة !
عن قصة تحريم القهوة يقول الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن القهوة حُرمت نحو 400 عام ظنًا من الفقهاء أنها مُسكرة، موضحًا أن القهوة في اللغة العربية اسم من أسماء الخمر، وعندما سألوا بعض المشايخ عن رأيهم فيها أكدوا حرمانيتها باعتبارها مُسكرة.
ولكن الحمدلله أنها لم تعد كذلك الآن !
ويحكي الشاعر فائز يعقوب الحمداني قصته مع القهوة والذكرى والصمت وهي ثلاثية كل شاعر وأديب قائلاً :
سلمني النادل فنجان القهوة
فنجان القهوة دوماً..
يسلمني للصمت والصمت..
يمل ضجيج المقهى، يتركني للذكرى..
الذكرى متعبة مني تتركني للحزن..
الحزن يراود في شفتي القهوة كي ينسى!
وأنا.. الغارق في الأحزان
لم أشرب شيئاً أطلب فنجاناً آخر
وأنا أيضاً يا فائز الحمداني !
لقد قمت سابقاً بالتغزل بالقهوة في مدونتي، سأسعد لو قمتم بقراءة التدوينة .
في الختام إن كنت تقرأ هذه المساهمة وأنت صائم فأعتذر لك على دغدغة مشاعرك، وأود سؤالك هنا : هل أنت من محبي القهوة ؟ وكيف تربط القهوة بعاداتك الأدبية ؟ عبروا وأفيضوا .
التعليقات