سأحلمُ..

لا؛ لأصبحَ أي معنى خارجي!

بل كي أرمم داخلي المهجورَ

من أثر الجفافِ العاطفي.

لا يمكنُ لأي شخصٍ مهما بلغَ من رحابةِ التفكير، وسعة الإدراكَ أن يحدد دلالاتٍ دقيقةٍ لشعرِ محمود درويش، ذلكَ أنه ينأى بنفسهِ في كل كتاباتهِ عن أن يحشرَ إبداعه في معاني سطحية ثابتة، لا يتجدد فيها الإبداع حسب السياق الذي ترد فيه.

"سأحلم"

هذا حلم درويشَ المتقد، الذي يستشري فيه شعرا.. لا يفارقهُ، فتحسه في كل تجلٍ بارزة أعلامُه، ماثلا أمامكَ بإدهاش آسرٍ.

"لا لأصبح أي معنى خارجي"

تعدٍ بارز للأحلام العاديةِ، لأن درويش يشكل تجاوزا لحدود المعتادِ، قفزا على السائدِ، فتحس من طبيعة التعبير، وبساطةِ الأمل، ولوجا إلى ماهو أبعد مما يفهم في ظاهر الكلام.

"بل كي أرمم داخلي المهجور من أثر الجفاف العاطفي"

هذا أقصى ما يمكن أن يكون طموحا لمن هو في موقع درويش لأنه يحس بالعالمينَ، ويفكر نيابة عن الكثيرنَ، ولهذا ضريبة يدفعها درويشُ من إحساسه. ثم يحاول أن ينتبهَ لنفسه.

عصي جدا تحديد غرض درويش من اللغةِ، ذلك أنه يتلاشى فيها، محاولة منه لإثباتِ أن اللغةَ بكل أبعادها تعبير عن الإنسانِ، ولا يقتصر هذا التعبير على الحقيقة السطحية، أو المجاز الضبابي.