خرجت من البيت كعادتي اتجه أصلي الفجر.

أرى السماء مضيئة والقمر فيها يبدو بدر.

مشيت في الشارع أذكر الله حتى أذن الفجر.

ولكن هذه المرة كان بصوت دوي عذب.

صوت جديد لم تجد له أذني ذكرى ولا فهم.

أهو ذاك الصوت الذي اتتظرت سماعه ولو همس؟

أهو ذلك الآذان الذي تمنيت أن ألبيه قبل القبر؟

لكن أي أنا وأين المنبر وليس بجانبي إلا بحر؟

ومن أين أتى ذلك البحر؟ ألم أكن في الطريق إلى صلاة الفجر؟

لابد أني أهذو أو لم أنم بالأمس.

فبالكاد نسيت نفسي وأنا أسهر من أجل رضى القلب.

قلب أسود ليس للنور في داخله حظ!

جعلني أطلب الحياة وأنسى القيام في الدرب.

وضعت يدي في البحر أتوضأ وأتم الغسل.

فجاء رجل عجوز يشاطرني ماء البحر.

فسلم علي وقال : هاك بني أغسل لك القلب.

وشق صدري ولكن ماكان هناك لا ألم ولا دم.

وأخرج قلبي وغسله وهو يتلفظ بما سر.

ثم رده في صدري وقال هاقد صلح لك القلب.

ولا شيء يثنيك في طلب ماكنت تطلبه بالأمس.

ولكن قبل أن تذهب أريد أن أخبرك بهذا الأمر.

أنت ماخلقت إلا في طلب أمر جم.

أمر يهز الجبال ويسمو بروحك نحو الشمس.

فقلت له وما الأمر ياعم؟

قال لي : أنت أدرى بما طلبته بالأمس.

ألم تطلب طهر قلب لتغدو نحو الحلم؟

ألم تطلب صلاح صدر تزيل به كل الهم؟

قلت بلى ولكن لا أرى في همة تجرني نحو النصر.

فوضع يده في البحر ونثر في وجهي بضع من القطر.

وقال الآن همتك تكسر الصخر.

انطلق انطلق وتحلى بالصبر .

فما طال درب إلا وعظم الأمر.

فابتسمت فرحًا وقلت جزاك الله ياعم.

فابتسم وقال : اذهب بني وأدرك الفجر.

فأطلقت قدمي للريح وأنا بثغر بسم

وما إن وصلت المسجد حتى رأيت الغم !

رأيت الإمام وقد سلم ينهي أداء الفجر.

فحزنت وقلت يالله! أوما صلح القلب؟!

فأديتها وحيدًا بدون مأموم ولا جمع.

ثم خرجت من المسجد وأنا لا أدرك الأمر.

صلح قلبي ولكن ما صلح مني العمل!

وعدت إلى بيتي وعيناي تتدفق بالدمع.

ووجدت ذاك العجوز على باب بيتي يضحك وكأنه مسه ضر.

وعلمت أنا ما وراء تلك الضحكات إلا ينبوع من الشر.

وقال لي : يا إنس ما أنا إلا شيطان أصابك من سهمه الغدر.

وأضعت عليك بخيالك جماعة الفجر.

يالك من سخيف يصدق كل ما حل.

فقلت : نعم، يالي من سخيف يصدق كل ما حل!

خلت أني ليوم سأسبق بطلبي سرعة الدهر.

ولكن ماوجدت إلا الشيطان يقلب قلبي في ماء عسر.

يبدو أن حظي بالخلاص مات حين أظن ذلك الفجر.