الساعة كانت قربت 12 بالليل، والمدينة لابسة وش تاني غير اللي في النهار. شارع الزمالك الهادي كان سايب نفسه لأضواء خافتة وصوت خطوات قليل. في اللحظة دي، كانت "مريم" واقفة قدام باب العمارة، بتحاول تلملم أعصابها بعد يوم شغل مرهق في المستشفى.

وهي داخلة، لمحت شخص واقف في المدخل.

ياسين.

جارها اللي ساكن فوقها، شاب ناجح في شغله، أنيق، وعليه هالة غموض غريبة. عمرها ما فهمت سر النظرات اللي بيبصلها بيها كل ما يتقابلوا.

هو اللي كسر الصمت وقال:

– "كنت مستنيك."

مريم اتفاجئت:

– "مستنيّني؟ ليه؟"

– "عشان في حاجات كتير متقالتش… وأنا مش هعرف أنام النهارده غير وأنا قايلها."

طلع معاها لحد شقتها من غير ما تعترض، مع إن عقلها كان بيقولها "خلي بالك". لكن في حاجة جواها كانت بتسحبها ليه.

أول ما دخلوا، الجو اختلف. ريحة عطره ملا المكان، والإضاءة الضعيفة خلت الملامح أوضح.

قرب منها وقال بصوت ثابت لكن فيه رجفة:

– "أنا بقالي شهور بمثل إني جار عادي… لكن الحقيقة إني مش قادر أشيل عيني عنك."

مريم وقفت متجمدة، قلبها بيجري:

– "ياسين، الكلام ده خطر… إحنا لسة ما نعرفش بعض كويس."

– "أنا مش طالب منك وعد ولا حب أبدي. أنا طالب لحظة صدق. لحظة واحدة نعيش فيها من غير أقنعة."

الكلمات كسرت الحاجز اللي حواليها. كانت طول الوقت حاطة صور إنها قوية وعقلانية، لكن دلوقتي، قدام عينيه، الحواجز وقعت.

قعدوا يتكلموا بالساعات. هي حكت له عن خوفها من الارتباط بعد ما اتجرحت قبل كده. وهو اعترف إنه رغم نجاحه المادي، عمره ما حس إنه حي إلا في وجودها.

الليل كان بيجري، والمطر بدأ يدق على الزجاج. في لحظة صمت طويلة، مد إيده ولمس وشها بخفة، وقال:

– "مريم… أنا مش جاي أضيّع وقتك، ولا ألعب لعبة. أنا جاي أبدأ chapter جديد معاك."

هي غمضت عينيها، وسابت نفسها لأول مرة. الاقتراب بينهم كان طبيعي، كأنهم اتخلقوا يستنوا اللحظة دي. ما كانش مجرد انجذاب جسدي… كان دفء، كان أمان، كان بداية.

ومع أول خيوط الفجر، وهي في حضنه، همست:

– "يمكن أكون خفت طول عمري من الارتباط… بس دلوقتي؟ أنا مش خايفة. معاك، كل حاجة شكلها مختلف."

ابتسم وهو ماسك إيدها بقوة:

– "وأنا أوعدك، من النهاردة حياتنا هتتغير… مش لحظة عابرة، ولا مغامرة مؤقتة. دي بداية عمر جديد."

خرج الصبح، والمدينة صحيت من جديد، لكن بالنسبة لياسين ومريم، دي ما كانتش مجرد ليلة عابرة. كانت اللحظة اللي كسرت الخوف، وربطت قلبين ببداية صريحة، واضحة، ما فيهاش لعب ولا غموض.