رواية: وعد في مكة
الفصل الأول: القرار المفاجئ
كانت الحياة تزداد ثقلاً على كتفي محمد، الشاب العامل في وظيفة عمومية، يعيل أسرته الصغيرة والكبيرة، ويتحمل كامل المسؤوليات في ظل ضغط العمل وقسوة الظروف. والده من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأخته كذلك، ووالدته تعاني المرض، وأخوه الأصغر ما يزال طالبًا في الجامعة. أما زوجته فكانت في أشهرها الأخيرة من الحمل، وابنته الأولى لم تكمل عامها الأول بعد.
في أحد الأيام، وقعت أزمة حادة في العمل، دفعته إلى مغادرته وهو في قمة الغضب. وبينما كان في طريقه إلى البيت، اتصل بمسؤوله المباشر، وطلب منه منحه إجازته السنوية. دخل إلى المسجد لأداء صلاة الظهر، فغمره شعور غريب وهو يسجد، تذكّر وعدًا قديمًا قطعه مع جدته المتوفاة، قبل زواجه بشهر، أن يذهبا معًا لأداء العمرة، بعد أن يُزَفّ، لكن الموت حال دون ذلك. في تلك اللحظة قرر الوفاء بوعده.
عندما وصل إلى المنزل، وأثناء تناول القهوة مع عائلته، أخبرهم بقراره: سيذهب إلى العمرة. في البداية ظنّوا أنه يمزح، لكن ملامحه الجادة أكدت لهم أنه قد حسم أمره، بل وبدأ في الإجراءات، رغم أنه لم يفعل شيئًا بعد. كانت والدته خائفة من سفره، خصوصًا أن زوجته حامل، واحتجت كثيرًا، لكنه أخبرها أن القلب قد استقر.
بدأ البحث عن وكالة سفر مناسبة، ومرّ بعدة اختيارات قبل أن يقع على وكالة وجد أسعارها وخدماتها ملائمة. دُهش مديره في العمل من قراره السريع، وحاول ثنيه، لكنه أصر، وفي قلبه شعور داخلي لا يُفسَّر: وكأنه ينادي من السماء. كانت أيام التحضير قصيرة لكن ممتلئة، وكأن كل شيء يُساق بترتيب قدري نحو الرحيل...
الفصل الثاني : اخوة في الله
التعليقات