معرض عن الخير ، متبع لكل سبل الشر، مقبل على دنياه معرض عن أخرته، فما زال فى الثلاثنيات ومن أين يأتيه الموت إنه وقت الصحوة والفتوة والشباب، فاتح كلتا ذراعيه لدنياه ، يظن الخبث ذكاء والخدعة نباهة والفتن فرص، هكذا تمضى أيامه، لا زواج، غير مؤمن بالأسرة، أيقضى عمره يجمع المال ليحصده على زوجة واحدة فقط، إنه هكذا يجمع بين أكثر من إمرأة دون زواج وقيد، أحضر دراجته النارية الجديدة وكانت بصحبته فتاة، ظنت أنها لم تخلق إلا للمتعة، فخروجة مع هذا وضحكة مع هذا وهكذا تحيا ، فأين هى من حديث ابن الخطاب عندما رأى نسوة يرددن لم نخلق إلا للعب ولهو، فكان يضربهن ويردد والله لم تخلقن إلا لأمر جلل، لكن لا حديث فى الدين، هكذا هو العصر إن أردت للكلماتك البقاء فابتدع فى الدين وابعد عن الفضيلة ولتكن الرذيلة سمتك.

      لم يتعرفا إلا منذ أياما قلائل، فدعاها لقضاء إسبوع على البحر، يسير بسرعة مجنونة، بينما هى محلقة بذراعيه تصيح بأعلى صوتها، هكذا هى الحرية، لاتقيد ولا حدود ولا سؤال، مضى وهو يشعر بكل قوته ماذا بعد؟ مركز مرموق، وفتاة جميلة وسرعة هائلة، لا شئ بعد ذاك.

     سار بسرعة البرق إلا أن جاء عبور سكة حديد فأبطأ من السرعة، ومن ثم يحاول العبور ببطئ لكنه فجأة توقف فى المنتصف، تحدثه الفتاة: هيا أسرع، ألا تسمع صوت القطار، صوته يلهث: لا أستطع الحركة، لم تصدقه ظنته يمزح، فقالت: لا وقت لمزاحك الآن؛ ألا تسمع صوت القطار إنه على قرب منا، ظل يصرخ لا أستطع الحركة لا أستطع، فانتفضت من خلفه مسرعة وابتعدت عن سكة القطار، لم تفكر إلا فى النجاة، ظلت تنظر على يسارها ويمناها أى شئ يأتى لإنقاظه، لا شئ

لا شئ؛ سوى الفراغ.