فى قصر مزخرف بشتى أنواع الزينة، محاط بأسوار طوال، مأمن من كل مكان برجال ضخام ، وكاميرات مراقبة ترصد كل شاردة،  فى منطقة راقية لا يقطنها إلا كبار القوم، يسكن عاصم وزوجه وأبنائه الثلاثة، أخذت جميلة تبحث عن عقد ثمين كان عاصم قد أراها إياه بالأمس،  و عندما لم تجده فى غرفته، خرجت غاضبة تنادى بصوت جهور .

-عاصم

يجلس عاصم على مائدة عليها ما لذ وطاب من الأطعمة بين أبنائه الثلاثة؛ أيمن ورودينا ورياض، ووضع أمامه طعامه الخاص، خالى من الملح خالى من الكوليسترول، هكذا وصف له الأطباء فهو مصاب بمرض نادر فى المعدة، جلس أمام طعامه محاول أن يطبق نصيحة أمه  "ارضى بنى بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس"، فحاول أن يرضى بمرضه وبطعامه لكن ماذا عن جميلة؛ صارت لا تطاق، عصبية دائمة وصوت مرتفع، لكن أمه كانت عنده أغلى من الحياة بأسرها، فكلمتها له طاعة، هكذا ربته وأخواته من الصغر على برها.

وقفت أمامه جميلة، ثم طلبت من أبنائه أن يذهبوا إلى غرفهم فهى تبغى الحديث من والدهم.

فأراد عاصم أن يضحك من صنيعها، لا تبغى الحديث أمامهم بينما لا تستحى من الصياح هكذا وسط الجمع

بصوت غاضب

-أين العقد عاصم!

-عن أى عقد تتحدثين جميلة؟!

-عقد عيد زواجنا عاصم!

-ضحك عاصم ؛هكذا بسرعة قررتى أنه لك؛لكنى أخبرتك جميلة  أنه لأمى.

غيرت نبرة صوتها إلى دلع.

-قلت لك أنه أعجبنى؛ و أمك لم تره بعد؛  تستطع شراء غيره عاصم.

أخذ يفكر فى كلامها ثم أردف قائلا:

-حسنا سأمنحك إياه بشرط... لم يكمل فسارعته قائلة:

-أرجوك عاصم، عيد زواجنا هذا العام مميز لقد مر عشرون عام على زواجنا.

- ذهابى إلى عيد ميلاد أمى والعودة فى يوم واحد متعب لى جميلة، ولا أستطع أن أفوت عيد ميلادها كما تعلمين .

وضعت يدها على خدها ونظرت له ساهمة ويكأنها تفكر.

-حسنا، موافقة، أين مكان العقد؟!

-ليس بهذه السهولة جميلة، فقد أعددت لك مفاجأة الليلة.

     فى المساء وعلى أضواء الشموع جلس وسط أبنائه وقد أحضر كعكة لهذا الحفل الصغير، لكن جميلة لم تحضر، فطلب من أيمن الإتصال بها.

-أمى أين أنت؟!

-عند جدتك أيمن، لما؟

-أمى؛ أنسيت حفل عيد زفافك؟!

-إنه غدا ولدى!

-ليس هذا أمى،  بل حفلة أبى.

-نعم؛تذكرت ، حسنا أيمن، سأتى فى الحال!

   حضرت جميلة وجلست بهيئتها دون تزين لهذا الحفل، جلست وسط عائلتها الصغيرة ، قدم عاصم لها هديتها وطبع قبلة على  وجنتيها، ثم جلس يروى لهم قصة زواجهما، رغم بساطة الحفل إلا أن الجميع سعداء،  جميلة تنكر الحفلة  فى البداية لكن لحظة أن يقدم لها عاصم الهدية ويقبلها ثم نظرة الحب فى حديثه عن قصة زواجهم تسعدها جدا، لطالما ألحت عليه أن يفعل هذا بين الجمع فى الحفل الكبير لكنه أقنعها أنه لا يحب التجمع والضوضاء فتصمت.

السبت

16 رجب 1445هجريا

27 يناير 2024 ميلاديا