اتفق معك تماما، وهو ما يستلزم إعادة تأهيل شاملة للمنظومة التعليمية بأكملها ، بما في ذلك دور المعلم، المناهج، طرق التقييم، وحتى توعية الأهل والمجتمع بأسره.
1
ملاحظتك في غاية الأهمية وتضيف بعدًا حاسمًا للنقاش حول مفهوم "الفشل البنّاء". أتفق تمامًا أن تأثير ثقافة المجتمع ونظرته للفشل يمثل تحديًا كبيرًا أمام تطبيق هذه الفكرة في البيئات التعليمية. ما ذكرته حول الضغط الاجتماعي والخوف من التقييم القاسي هو لب المشكلة في العديد من المجتمعات. الطالب لا يخاف الفشل لذاته، بل لما يترتب عليه من وصمة عار، مقارنات سلبية، أو حتى عقوبات معنوية ومادية من المحيطين به. هذا الضغط يجعل من الصعب جدًا بناء بيئة "آمنة" بالكامل داخل الفصل الدراسي، إذا كان ما
اقتراحك رائع جدًا ويضرب في الصميم فالفن والإعلام — خاصة الدراما والوثائقيات المدعومة بالمؤثرين — لهما قدرة سحرية على تحويل الأفكار إلى مشاعر حيّة وتجارب قريبة للقلب، فيصبح ما نطرحه ليس مجرد نشاط محلي، بل قصة تُروى على ألسنة الناس وتعيش في وجدانهم. وهكذا تكتمل الدائرة: نبدأ بمبادرات مجتمعية حقيقية صغيرة. ثم ننتقل بها إلى أعمال درامية ووثائقية تحوّلها إلى حكايات مُلهمة. فيراها الناس في بيوتهم فتوقظ فيهم الحماس ليشاركوا ويجربوا. وبهذا نجمع بين العدوى العميقة الهادئة في الواقع، والانتشار الواسع السريع
صحيح، مثل هذه الأنشطة المجتمعية ستنشر الفكرة، لكنها غالبًا بطريقة تدريجية، هادئة، وليست «ضربة ترند» تنتشر في يوم وليلة. لكن ربما هذه ليست مشكلة، بل بالعكس: التغيير الذي يبدأ ببطء وبعمق داخل الناس غالبًا ما يكون أثبت وأطول عمرًا من أي موجة سريعة تختفي بعد أسابيع. ومع ذلك، يمكن تعزيز الانتشار بأن تتبنى وسائل الإعلام وقصص السوشيل ميديا هذه النماذج المحلية، فتسلّط الضوء على أمثلة حقيقية، فتتحول المبادرات الهادئة إلى إلهام جماعي واسع — مزيج من التأثير البطيء والعميق مع دفعات إعلامية تُسَرّع انتشاره.
سؤالك في مكانه تمامًا، لأنه يضع يده على أهم تحدٍّ في رؤية 2030: كيف نحولها من خطة حكومية إلى قصة شخصية في كل بيت؟ برأيي، السر في أن تصبح الفكرة «مُعدية» بحق، هو أن نربطها بحياة الناس مباشرة، لا نظريًا. مثلًا حين نروي قصص أسر وأفراد — عاديين مثلنا — اكتشفوا أنفسهم من خلال أسئلة الرؤية، فغيّروا تخصصاتهم، أو أطلقوا مشاريع صغيرة، أو حتى ربّوا أبناءهم بطريقة واعية أكثر. وما يزيد الفكرة انتشارًا أن تصحبها انشطة محلية ممتعة وعملية في
أعتقد أن البداية الفعالة يمكن أن تكون من المدرسة والأسرة، لأنها البيئة الأقرب للطالب والأسهل في التغيير. 1. في المدرسة: تنظيم ورش عمل بسيطة بالتعاون مع الجامعات، يُشارك فيها طلاب جامعيون يروون تجاربهم ويجيبون على أسئلة طلاب الثانوية. هذا يفتح أفقًا واقعيًا للطلاب ويخفف من الصدمة المستقبلية. 2. في الأسرة: تخصيص وقت منتظم للحوار مع الأبناء حول اهتماماتهم الحقيقية وما يتمنون تعلمه، بدل التركيز فقط على الدرجات. هذه خطوات بسيطة، لكنها إذا انتشرت، يمكن أن تصنع فرقًا كبيرًا في وعي
أصبتِي تمامًا، بل ووضعتِي يدك على لبّ المشكلة لا فقط أعراضها. الفجوة التي نتحدث عنها ما هي إلا النتيجة الأخيرة لنظام تعليمي تأسّس من البداية على الحفظ لا الفهم، والتلقين لا الاكتشاف، والمعيار الواحد لا التنوّع. ومعكِ كل الحق: لا يمكن "ترقيع" المشكلة بحلول في المرحلة الثانوية فقط، لأن الطالب في هذه المرحلة غالبًا ما يكون قد مرّ بأكثر من 10 سنوات من "البرمجة التعليمية" التي لم تترك له مساحة للتساؤل أو الإبداع أو حتى معرفة ذاته. ما نحتاجه فعلًا هو تحوّل جذري يبدأ
الفكرة التي طرحتِيها حول بناء تجربة تعليمية بجسور لا بأسوار تعبّر بدقة عن التحوّل الذي نحتاجه، فالتعليم لا ينبغي أن يُفصَل إلى مراحل مغلقة، بل أن يُصمَّم كمسار متصل يُرشد الطالب خطوة بخطوة نحو ذاته ومكانه الحقيقي. واقتراحك بإطلاق منصة إلكترونية تفاعلية بين المدارس والجامعات هو بالفعل خطوة ذكية وقابلة للتطبيق، وستُساعد على تقليل "غموض المرحلة القادمة" الذي يربك الطلاب، بل وقد تجعلهم أكثر حماسة لخوضها.
هل السؤال وحده يكفي لإحداث التغيير؟ برأيي، السؤال الجيّد لا يصنع التغيير وحده، لكنه يشعل شرارته. فحين تتحول الرؤية إلى دعوة للتفكير، وحين يُمنح المجتمع مساحة لطرح الأسئلة ومناقشتها دون تهميش، تبدأ حالة وعي جماعي تتراكم بمرور الوقت. قد لا تظهر النتائج فورًا، لكن ثقافة السؤال تفتح الباب للمساءلة، والمساءلة تخلق المشاركة، والمشاركة تولّد التغيير. ما نحتاجه فعلًا هو أن تتحول هذه الأسئلة من مجرد نقاشات نخبوية إلى ممارسة يومية داخل المدارس، ووسائل الإعلام، والمجالس الأسرية، والمؤسسات. فكما أن "السؤال الجيد نصف المعرفة"، فهو
أشكرك على هذا الرد العميق والمُقدّر، وسعيد أنك وجدت في النموذج الياباني مصدر إلهام قابل للتكييف. وأتفق تمامًا أن التحدي الأكبر لا يكمن فقط في طرح الأفكار، بل في تحويلها إلى واقع عملي في بيئات تعليمية تعاني أحيانًا من البيروقراطية أو ضعف الموارد. لكن ربما البداية لا تحتاج إلى قرارات مركزية بقدر ما تحتاج إلى روّاد محليين يبدؤون بمبادرات صغيرة قابلة للقياس والتوسع—مدرسة تتعاون مع جامعة محلية، أو معسكر صيفي يُبنى بجهد مشترك بين معلمين ومتطوعين. حين نُجرّب ونُوثّق ونتعلم
أجمل ما ذكرتيه هو تحول "رؤية 2030" من مشروع اقتصادي إلى "رحلة فكرية"، وهذا ما يمنحها عمقًا حضاريًا. وحين يصبح السؤال "كيف أكون جزءًا من التغيير؟" هو المحرك اليومي لنا، نكون فعليًا قد دخلنا زمن الرؤية لا كمتفرجين، بل كفاعلين. الهوية السعودية المعاصرة، كما قلتي، لا تُصنع من شعارات، بل من توازن دقيق بين الجذور والانفتاح، بين الوفاء للماضي والجرأة على المستقبل. اتمني للسعودية وشعبها التطور والرفاه ولباقي شعوبنا العربية الامن والسلم والاستقرار.
طرحك مهم جدًا، والأنشطة الصيفية يمكن أن تكون مساحة ذهبية للتعلم الحر والتطبيق العملي دون ضغط الاختبارات. الفكرة ليست فقط في "ماذا نُدرّس؟" بل "كيف يعيش الطالب ما يتعلّمه؟"، وهذا ما تتيحه الأنشطة خارج الصف. حتى لو لم تُمنح عليها درجات، فإن أثرها يبقى أطول في الذاكرة والسلوك لأنها تعلّم من الحياة لا من الورق فقط. والأهم أنها تُشرك الطالب بصفته فاعلًا لا مجرد متلقٍّ، وهنا يبدأ التحوّل الحقيقي في عقليته تجاه التعلم.
كيف نبدأ نحن، لا النظام فقط؟ صحيح أن إصلاح التعليم يبدو مهمة مؤسساتية ضخمة، لكن التغيير الحقيقي غالبًا يبدأ من الناس العاديين—من الأسرة، والمجتمع، والمعلم الذي يقرر أن يشرح بطريقة مختلفة، والطالب الذي يسأل بدل أن يحفظ. الأسرة قادرة على أن تكون أول "مدرسة استكشاف"، ببساطة من خلال تشجيع الفضول، واحترام الأسئلة، ومشاركة الأبناء في البحث لا تلقين الأجوبة. والأجمل أن هذا التغيير لا ينتظر إذنًا من أحد. يكفي أن نبدأ من البيت، ومن الحوار، ومن إعطاء أبنائنا الحق في
تمامًا كما قلتي، المشكلة لم تكن في قلة المعلومات بل في طريقة التعامل معها. التعليم القائم على الحفظ يشبه ملء كوب مثقوب، سرعان ما يتسرب ما فيه. لكن عندما يتحول التعليم إلى رحلة بحث واكتشاف، يصبح كل طالب صانعًا لمعرفته لا مجرد ناقل لها، وهنا فقط يكون التعلم طويل الأمد وقادرًا على مواكبة عالم يتغير باستمرار.
صحيح أن التصنيف العمري له جوانب إيجابية لا يمكن تجاهلها، خصوصًا في سهولة إدارة الصف، وتنظيم الأنشطة، وتقارب أساليب التواصل بين الطلاب. وتمامًا كما قلت: التحدي الحقيقي ليس في إلغاء التصنيف العمري بالكامل، بل في كسر الجمود داخله. يعني بدل أن نفكر: "كلهم بنفس العمر إذن كلهم سيتعلمون بنفس الطريقة"، نبدأ نفكر: "نعم هم بنفس العمر، لكن قدراتهم واهتماماتهم مختلفة... ودور المعلم أن يخلق مساحة مرنة تراعي ذلك." باختصار: التنوع موجود حتى داخل نفس العمر، والحل في مرونة الأسلوب لا فقط في
ردك واقعي وينبّه إلى نقطة غاية في الأهمية: العبقرية لا تولد في فراغ، بل تتغذى من بيئة تحفّزها وظروف تحتضنها. نعم، لا يكفي أن يكون الإنسان ذكيًّا بالفطرة، بل يجب أن يكون محاطًا بعوامل تُشعل شغفه وتمنحه وقتًا ومساحة للتأمل والإبداع. ولو وُلد ابن سينا اليوم في بيئة تُلهي ولا تُلهم، فربما ما كان ليكتب "الشفاء"، بل فقط "مشروع تخرج" على عَجل! لكن المطمئن أن الطاقة الكامنة في الإنسان تبقى موجودة، تنتظر فقط الشرارة المناسبة. وقد تكون أدوات مثل الذكاء الاصطناعي – إن
ردك يحمل تأملًا عميقًا وواقعيًا في آنٍ واحد، وقد أصبت حين قلت إن الذكاء الاصطناعي ليس له أثر واحد ثابت على الجميع، بل يتغير أثره حسب عقل من يستخدمه. صحيح أن ابن سينا ربما لم يكن لينبهر بـ ChatGPT، لأنه سيكون منشغلًا بالبناء العقلي لا بتكرار المعلومة، لكن بالنسبة لنا اليوم، ومع هذا الكم الهائل من المعرفة المتاحة، قد تكون الأداة وسيلة ذكية لتوفير الوقت واستحضار المعلومة الموثوقة، لا بديلاً عن التأمل بل معينًا عليه. وباختصار، الذكاء الاصطناعي – كما
رد بليغ ومليء بروح ابن سينا فعلًا! نعم، كان سيرى أن الذكاء الحقيقي لا يُقاس بكمّ المعرفة، بل بقدرة العقل على الفهم والتمييز والمعنى. والأهم من ذلك، كان سيُذكّرنا أن الآلة أداة، أما الإنسان فصانع المعنى. فالمعنى ليس فقط أن نعرف، بل أن نُدرك قيمة ما نعرفه، ونتصرّف على ضوئه بوعي ومسؤولية. وهذا ما لا تستطيع الآلة أن تصنعه... لأنه لا يُبرمج، بل يُبنى داخل الإنسان.
نعم، الحلم بمدرسة تسكن العقل وتتحرك بالدافعية لا بالخوف، ليس ترفًا فكريًا بل ضرورة إنسانية قبل أن تضيع الأجيال في دوامة "النجاة لا التعلم". ما وصفته من خوف من الرسوب أو لهاث وراء الشهادة، هو بالفعل تجسيد لتعليم فقد روحه، وتحول إلى سباق بلا معنى. جيل يعمل ليعيش، ولا يعرف لماذا يعيش، هو نتيجة طبيعية لنظام يعلّم المهارة ولا يزرع المعنى، ويطلب الطاعة دون أن يشعل الفضول. وأشاركك الأمل: أن يأتي من يؤمن، لا فقط بالفكرة، بل بحق كل طفل أن يتعلّم ليتحرر لا ليُقيَّد.
نعم، فكرة غياب الدرجات ليست دعوة للفوضى، بل محاولة لاستعادة جوهر التعلم كرحلة داخلية نحو الفهم والنمو، لا كسباق خارجي نحو رقم معلّق على كشف. وقد أصبت تمامًا حين قلت إن الأرقام تحوّلت من أداة إلى عبء نفسي ومعنوي، وكأنها وحدها تختصر قيمة الإنسان. الفكرة ليست في محو الدرجات تمامًا، بل في إعادة ضبط ميزانها... أن نمنح الفهم وزنه الحقيقي، والتجربة مكانتها، والخطأ حقّه في التعليم. وأتفق معك أن التحوّل لن يكون سريعًا أو سهلاً، لكنه يبدأ من سؤال بسيط، صادق،
نعم، حين يصبح الفضول عبئًا، والخطأ عارًا، والسؤال علامة ضعف، يتحوّل التعليم من مساحة للانفتاح إلى سجن للتطابق. ويُكافأ الطالب الذي يحفظ بدقة، ويُقصى الذي يجرؤ على أن يفهم بطريقته. وأصدق ما قلت: "التعلم لا يُختزل في امتحان، بل ينمو حيث يُسمح بالدهشة." لأن الدهشة هي أول المعرفة، والخطأ هو بوابتها، والزمن هو شرطها. إعادة تعريف التعليم لم تعد خيارًا تربويًا… بل حاجة وجودية إذا أردنا لأجيالنا أن تنمو في عالم لا يرحم المتلقين، بل يحتاج المبدعين.