مساءُ الخيرِ يا عزيزي.. لا أدري أيّ طريقٍ آثرتهُ بالمسير، كذلك لا أدري كيف سيكونُ عامُك الأولُ في عالمك الجديد.. لكنّي أزفّ لكَ البشرى بأنك لن تجدَ الكثير الذي توقعت، وأنّ اللحظات الأولى في الجامعة لن تُرضيَ شغفك، والخطوات التي ستخطوها بحماسات العالم ستهوي بكَ شيئا فشيئًا لأرضٍ لم ترغبْها، وأن سقفَ توقعاتك سينهالُ على رأسك شيئًا فشيئًا.. ذاتَ يومٍ ستشتعلُ الأرض من تحت قدميكَ حماسًا ورغبة، وستنظرُ للدنيا بوهج البدايات، وستشعرُ حتى تبلغ قرارةَ شعورك، وستذرف الكثيرَ الوافرَ في
لماذا تتأخر الأشياء؟!
ليس ثمة متأخرٌ في هذا العالم ولا متقدم، نحن لم نفهم الأُحجية بعد، بالماضي عندما كنا صغاراً نلعَبُ ألعابا كثيرة نتقمص في كل منها دورًا معينا وشخصية جديدة، كل مرحلة بظروفٍ مختلفة، متطلباتٍ ومكافئاتٍ من نوع آخر، ما لم نفهمه صغاراً ونحن نركض نحو المرحلة الجديدة للحصول على مستوى جديد في اللعبة؛ أن المعادلة لا تختل، إن المعاملات تتغير على الطرفين لكنها لا تزالُ معادلة، وفي جميع الأحيان ومهما كانت النتائج على الضفة الأخرى فإن الضرائبَ على الضفة تحت أقدامنا
وأحببتُ رسالة الظلامِ الصامتة التي تخبرُ بأنّ كل هذا الزهو زائف..
"كنتُ طالبةً جامعيّةً في رَيْعانِ شبابي، أحبّ الحياةَ بكلّ ما فيها، أرتدي كلّ يومٍ فُستاناً أنيقاً مُلوّناً بلون مِزاجي، كنتُ فراشةً زاهيةً تُحلّقُ على الطرقات، أغني على إيقاع النسيم وهطول قطرات المطر، وأرى الكونَ حولي كسمفونية أنيقة جمالُها خلّاب" "وكنتُ جريئة، أحب روح المغامرة في كل شيء، وأُخاطرُ كلما أتاحت ليَ الفرصة، وكنتُ أراقصُ النجمات كل مساء على لحنِ القمر، وأغازلُ الغيماتِ على مرأى من الشمس، وكنتُ أغوص في كلّ أخضرَ يانِع، وكنتُ أذوب في دوران الوريقاتِ حول جذع الزهرة،
المعادلة التي لم ندرسها في الرياضيات..
عندما تلقي بك الحياة في غيابات حلم ما ، ثم تخفق، وتغادره لحلم آخر ومن ثم غيره وغيره.. حتى تنتهي بنفسك في جدران غرفة صممتها بيديك ، رسمت بها الأحلام التي تريدها بالفعل ، وأنفقت باقي أحلامك ثمنا لها" "يدرك الإنسان متأخرا أنه لا يحصل على كل شيء ، ولكن ثمة أشياء معدودة لا يستطيع العيش بدونها ، وحصوله على ما عاداها لا يغني عن فقدانها شيئا ، وها هنا ينبغي على كل امرئ أن يصنع معادلته الخاصة ، ويزنها