لتعريب الأسماء ثلاثةُ أصولٍ لا بد من الأخذ بها قبل نقل الاسم، سواءٌ أكان مذهبُك هو مذهبَ العرب من إعمال قواعد الصرف والتعريب، أم نقلَها كما تُلفظ بلسان أهلها على المذهب المعاصر.

هذا بيانٌ لتلك الأصول الثلاثة، ووسائلُ تُعينك على العمل بها.

الأصل الأول: ردُّ العربيّ

هو أن تردَّ الأسماء العربيةَ الأصلِ في كلام العجم إلى لفظها الأول، وهذا من باب ردّ المترجَم إلى أصله.

فإذا وجدت في كلامهم اسم (Averroes) فرُدَّه إلى «ابن رشد» ولا تقُل (أفِرّوس)، وإذا لقيت (Avicenna) فرُدَّه إلى «ابن سينا» ولا تقُل (أفِسينا).

هكذا نطق العجم، ولا يلزمك أن تعرف كيف نقَلوا الاسمَ ولمَ أبدلوا فيه هذا الإبدال، وإنما تردُّه إلى أصله العربي.

الأصل الثاني: إقرار المعرَّب

وهو إقرار ما استقرَّ في لسان العرب من الأسماء الأعجمية المعرَّبة من قديم، فلا يُعاد تعريبها.

فإذا وجدت (Plato) قلتَ «أفلاطون»، وإذا لقيت (Seth) قلتَ «شيث»، وإذا مررتَ بـ (Cordova) قلتَ السلام عليكِ يا «قُرطبة».

هكذا نطق العرب، ولا يلزمك أن تعرف كيف نقلوا الاسم، وإنما تُثبت تعريبهم.

وهذا كلام للدكتور عز الدين محمد نجيب من كتابه (أسس الترجمة) في مفاسد إهمال هذا الأصل:

ومن عجائب الترجمة أنه يوجد في مصر الجديدة بالقاهرة ثلاثة شوارع، اسم الأول «هاثور» وهو ترجمة الكلمة الفرنسية Hathor التي هي ترجمة اسم «حتحور»، والثاني اسمه «هوروس» وهو ترجمة لـ Horus التي هي ترجمة لـ «حورس»، والثالث اسمه «مينيس» وهي ترجمة Menes التي هي ترجمة لـ «مينا»، وبذلك رُدَّت إلينا بضاعتنا بعد إفسادها!

والمترجمون اليوم يعرفون هذا الأصل تارةً، ويُنكرونه تارةً أخرى، أو يستثقلونه، مُذَبذَبون لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وليس هذا ما أريد الخوض فيه.

الحق أن كثيرًا من المترجمين إذا تركوا العمل بهذا الأصل في بعض الأسماء فإنهم يتركونها غفلةً عنها لا إعراضًا، فربما ما فطِنوا وما علِموا أن هذا الاسم الأعجمي يقابله ذاك الاسم المعرَّب أو العربي، وربما لو علِموه لأثبتوه، فهذا الذي جئتُ فيه.

هذا مَسرَد بصيغة إكسلّ أجمعه منذ سنوات لا أذكر عددها، منذ وعيتُ على الترجمة، وأقيِّد فيه ما أَصيد من أسماء الأعلام بالإنجليزية والعربية، من القرآن وترجمته، ومن ترجمة الإنجيل، وممّا أثبته الجواليقي في كتاب (المعرَّب)، ومن الرصائف، ومن بعض كتب الترجمة، ومن تراجمَ كنتُ أنظر فيها أو فوائدَ وقعتُ عليها، ومنها أسماء حديثة بتعريبي، وربما لا تخلو من ضعف أو وهم.

وهنا الرابط:

مما في الملف:

وفيه من الأسماء المعرَّبة والعربية ما يربو على خمسين ومئتين (٢٥٠)، وهذا قليل قياسًا بالأسماء الكثيرة التي تعزّ على الحصر، فلا أزعم أني أحطتُ بها ولا استوعبتُ ذكرها ولا أحكمتُ ضبطها كلها، فمن شاء أن يستدرك أو يزيد أو ينقّح فليفعل.

وغايته أن ينفع في البحث وفي استحضار هذه الأسماء عند الترجمة، وأرفقتُ به ملفًّا آخرَ بصيغة قاعدة مصطلحات لبرنامج ترادس (sdltb)، يصلح استعمالها في داخل البرنامج لتظهر مقترحات الأسماء حينَ الترجمة.

الأصل الثالث: اجتناب الواسطة

فإذا خرج الاسم من الأصلين الأولين وأقدمتَ على تعريبه، فلا ينبغي أن تعرِّبه من لغة واسطة، والأولى أن تجتهد في معرفة أصله وتسمعه كما ينطقه أهلُه ثم تعرِّبه من هذا النطق، إلا إن عجزت عن معرفة أصله فتعرِّبه حينئذٍ من أقرب نطقٍ إليك.

فالاسم الإيطالي في النص الإنجليزي يُعرَّب من الإيطالية لا من الإنجليزية، والاسم الصيني في النص الفرنسي يُعرَّب من الصينية لا من الفرنسية، والاسم الألماني في النص الياباني يُعرَّب من الألمانية لا من اليابانية، وهلمَّ جرًّا.

ومن المواقع المُعينة على العمل بهذا الأصل:

Behind the Name

وهذا الموقع يأتيك بأصل الاسم ومعناه وتاريخه، وكثيرًا ما يزيد عليه كتابته في لغاتٍ شتى، وربما تجده مكتوبًا بالعربية، وهو أجمع موقع أعرفه في هذا الباب، وقلّما استفتيتُه وخذلني.

How to Pronounce

وهذا الموقع يُسمعك نطقَ الاسم في اللغة التي تختارها بلسان أهلها.

فهذه هي الأصول الثلاثة التي تتقدَّم التعريب ولا يسع المترجمَ جهلُها، ولا يليق بك أن تُعرِّب اسمًا ما حتى تعمل بها.

وأما قواعد التعريب ومسائلها، فليس هذا موضع الكلام فيها.

وحسبي في هذا المقام التنويه بذكر كتابٍ جليل وهو أم هذا الباب، كتابِ (المعرَّب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم) لأبي منصور الجواليقي، بتحقيق الدكتور (ف. عبد الرحيم).

وقد صدَّره المحقق بمقدمةٍ جمع فيها القواعد المستقرأة من المعجم ومن مذهب العرب في نقل الأسماء، وفصل القول تفصيلًا في نحو ٨٨ صفحة، وليت كلَّ مترجم يقرأ تلك المقدمة، وإن لم يعمل بما فيها.