يشهد العالم اليوم تحولًا نوعيًا في الذكاء الاصطناعي، يتمثل في بروز "الوكلاء الذكيين" (AI Agents) كمرحلة متقدمة تتجاوز مجرد توليد النصوص أو تحليل البيانات. بخلاف النماذج التقليدية مثل ChatGPT، التي تقتصر على التفاعل النصي الآني، تأتي هذه الوكلاء مزودة بقدرات تنفيذية ذات طابع مستقل نسبيًا، حيث يمكنها اتخاذ قرارات، إدارة مهام متعددة، والتفاعل مع بيئات رقمية مختلفة لتحقيق أهداف محددة دون تدخل مباشر من الإنسان.

لقد بدأت هذه النماذج بالفعل بالتسلل إلى مجالات متعددة مثل خدمة العملاء، التجارة الإلكترونية، الأمن السيبراني، وحتى في الأبحاث العلمية وإدارة المشاريع. وبفضل تكاملها مع تقنيات التعلم المعزز والتخطيط الآلي، فإن قدرتها على التعلم والتحسين الذاتي يجعلها أكثر قابلية للاعتماد عليها مستقبلاً، ليس فقط كمساعدين بل كعناصر فعالة في صنع القرار.

إن هذه المرحلة تتطلب تحديد إطار جديد لا يُقصي العنصر البشري، بل يُعيد تعريف دوره في بيئة يقودها الذكاء الاصطناعي.

إلا أن هذا التوسع يطرح تساؤلات حيوية حول تأثير الاعتماد المتزايد على هذه الأنظمة: ما حدود الأمان والمسؤولية الأخلاقية في قرارات يتخذها وكيل غير بشري؟ وماذا يعني تفويض المهام العقلية الدقيقة للآلة؟