كنتُ قد نشرتُ فيديو مرَّة عن علاج حصوات المرارة، وشرحتُ فيه بالتفصيل الممل عن أنّ الحصوة إذا كانت مصحوبة بإلتهاب ظاهر الأعراض، فلا بدَّ من عملية جراحية، ورسمتُ كل المضاعفات التي يمكن أن تنتج من تأخير العملية.

لا زلتُ حتّى يومنا هذا أتلقّى الردود من بعض المعلّقين: لكن هناك دكتور فلان يعالج هذه الحصوات بالأعشاب الطبيّة، ألم تشاهده؟ الأمر ممكن.

مع كامل تقديري للنوايا الحَسنة، لكن هذا ليس بطبّ، والطبيب الذي تخرَّج من جامعة محترمة، سينأى بنفسه أن يكونَ عطارًا، أو أن يجرِّب خلطة بهارات لتعالج بها أصعب الالتهابات، قد تنجح على بعض المرضى؟ لا أدري، ممكن. قد يُشفى بعض المرضى من تلقاء أنفسهم، لكنّنا لسنا في القرون الوسطى، الطبِّ الحديث يعتمد على الدلائل والدراسات المجرَّبة المثبتة.

حقيقة هذه المشكلة ليست في مجتمعنا العربي فقط، هي مشكلة عالمية، وعلى مدار السنوات، يوتيوب كانت لها مشاكل كبيرة مع المحتوى الطبّي، المحتوى الطبِّي الأكثر شيوعًا فيها كان عادة ذلك المحتوى البعيد عن العلمية، والأسوا أن خوارزميات يوتيوب تشجِّع الفيديوات التي تشيع بسرعة، كورونا عرَّت نقطة الضعف هذه بشكل رهيب، حتّى هرعت يوتيوب تتدخّل في كل فيديو يُنشر.

التدخلّ على مرض واحد أمر سهل، ستراقب الفلاتر الكلمات المعيّنة التي تقال وتكتب على الفيديو، ثمَّ تنتبه لها يوتيوب فتصنّف هذا الفيديو حسب ما فيه من العملية، لكن ماذا بشأن بقية الأمراض؟ لا تستطيع أن تسيطر على كل ما ينشر طبيًا.

يوتيوب تحاول مؤخرًا علاج هذه المشكلة، فهي عيَّنت فريقًا طبيًا يتعاون مع المجموعات الطبيّة لغرض إبراز المحتوى الأكثر علمية وصحة (1) بنفس الوقت الذي تحاول فيه أن تقلّل من إظهار المحتوى غير العلمي.

هذه الاستراتيجية ليست صارمة، لا زال بإمكان الناس العاميين أن ينشروا عن الحالات الصحّية، لكن بطريقة مؤطَّرة أكثر، فهم يضعونها في خانة "رفّ القصص الشخصية" حيث يحكي بعض المرضى عن تجاربهم مع هذا المرض. هذه الفكرة أطلقت في يوتيوب بعدما ماتت إحدى الموظفات عندهم بسرطان المبايض، وهي التي كانت تبحث عن قصص الناس الذين أصيبوا بالمرض عندما شُخّصت به (2)