انتشرت في هذه الفترة اختبارات الفيسبوك التي يقوم بها الناس بدافع التسلية، كأن ترى شكلك في المستقبل وغيرها، إذا كنت قد جربت هذه الاختبارات فأنت تسهم في أكبر اقتصاد في العالم دون أن تكسب فلسا واحدا، الاقتصاد هنا هو اقتصاد البيانات، والسلعة المباعة فيه هي معلوماتنا!

نقوم نحن مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي بتقديم ملايين المعلومات عن أنفسنا بشكل يومي، ليس فقط عن قصد، بل وأحيانا بدون قصد، وهناك شركات ومؤسسات ضخمة تقوم بتجميع هذه البيانات وتحليلها لاستخدامها فيما بعد.

هذه البيانات تشمل كل شيء، ما تحب وما تكره، ما الذي يخيفك وما الذي يسعدك وكيف يمكننا دفعك لفعل شيء ما، وأحيانا ما الذي تفكر فيه الآن! جميعنا نعلم أنه يتم استخدام هذه البيانات لاستهدافنا بإعلانات لمنتجات معينة، ولكن هذه ليست المشكلة، المشكلة الحقيقية هي أنه يمكن من خلال هذه البيانات أن يتم التأثير في قراراتك ومعتقداتك الشخصية وتوجهاتك السياسية، وهذا بالضبط ما فعلته كامبريدج أناليتيكا.

هذه الشركة مختصة بجمع البيانات وتحليلها وتصنيفها فيما يعرف بعلم Big Data وهو أحد أهم فروع علم الحاسوب، وتقوم هذه الشركة من خلال تحليل بيانات مئات المستخدمين باستهدافهم بمحتوى رقمي يدفعهم لفعل أشياء معينة، وهذا بالضبط ما حدث في الانتخابات الأمريكية التي جاءت بترامب، حيث أثبتت التحقيقات أن دونالد ترامب دفع لهذه الشركة لتجعل الناس يقومون بانتخابه، وهو ما حدث بالفعل.

ولكن ما يهمنا هنا هو قدرة هذه الشركات ومثيلاتها على التأثير في أراء وتوجهات مجتمعات بكاملها من خلال مجموعة من الحواسيب والأكواد البرمجية، فهل حقا وصلنا لعصر قراءة الأفكار والسيطرة على العقول؟؟