ان تحديد معنى الحياة (Life) ليس أمراً هيناً كما يبدو لأول وهلة، ولو أن مدلول كلمة الحياة معروف لدي كل انسان تقريباً - متخصصاً كان في العلوم البيولوجيه أم لم يكن متخصص - ، فيقال ان هذا الشىء حي عندما تشاهدة يؤدي فعلاً وعندما يكون في حالة نشاط مستمر لخير نفسه ونوعه بمعنى ان يتحرك ليبحث عن الغذاء الذي يعتمد عليه لتستمر حياته.

ولو حاولنا معرفة الفرق بين الآله والحيوان الحي مثلاً ستجد ان غذاء الكائن الحي يتكون من المواد الخام المحيطة به ويعتمد على اجهزنه الخاصة لتحويل هذه المواد الخام الى مصادر المادة والطاقة اللازمة لحياته، ويقوم جسم الحيوان كأي ماكينة أو آله تعمل في اي مكان في العالم بعمليات تحويل المواد واستخراج ما يريده الجسم منها وطرد مالا يستعمله، حتى الطاقة او القوة اللازمة لعمله يستخلصها الجسم ايضاً من هذه المواد كذلك منها ما يقوم باستعواض الفاقد من الجسم، فهو آله لا يتوقف فيها العمل أبداً، وطالما تستمر فيها الحياة وطالما توفر لها المادة والطاقة،

خصائص الكائنات الحية:

يستطيع أي شخص عادي ان يميز بين الكائنات الحية وغير الحية وذلك بالنظر الى الكائنات كبيرة الحجم مثل الشجرة او الطائر بالمقارنة بقطعة صخر او المادة الكيميائية، ولكن الأمر يصبح غاية في الصعوبة إذا اردنا ان نميز بين الكائنات دقيقة الحجم أو الحيوانات البدائية، فمثلاً حبة النبات أو بيضة الحشرة التي تبدو ساكنة كالجماد إلا انه بتوفير بعض الظروف المعينة نجد ان البيضة أو الحبة سرعان ما تتميز وتنمو ويبدو واضحاً أنها كائن حي، وهناك ست صفات بتوفرها كلها مع بعضها يمكننا أن نميز الكائنات الحية:

  • التمثيل الغذائي (Metabolism):

وهو عبارة عن مجموعة من العمليات الكيميائية التي تتم بصفة مستمرة في جسم الحيوان لهضم الطعام والاستفادة منه في العمليات الحيوية المستمرة في الجسم كالتنفس الذي يساعد على إطلاق الطاقة الموجودة في الطعام، وعمليات إخراج المواد التالفة من الجسم والزائدة عن حاجته ... الخ، وهذه من العمليات التي لا تحدث اطلاقاً في الكائنات غير الحية، علماً ان بعض المواد غير الحية تطلق طاقة كالمواد المشعة ولكنها طاقة داخلية لا تستمد من مواد خارجية مثلما يحدث في الكائنات الحية.

  • النمو (Growth):

الكائنات الحية تنمو وتكون أجزاء جديدة داخلية أو خارجية ولكن عملية النمو تكون ذاتية أي بالاندماج بين مواد وآخرى داخل الجسم، بينما نمو المواد غير الحية يكون بإضافة مواد خارجية من خارج هذه المواد مثل عملية تكوين البللورات.

  • الاستجابة للمؤثرات الخارجية (Irritability):

تستجيب الكائنات الحية للمؤثرات الخارجية بطرق مختلفة غير متعلقة بكمية المؤثر، وقد تستجيب أيضاً المواد غير الحية لمؤثرات خارجية كتمدد المعادن بالحرارة ولكن هذه الاستجابة هي استجابة كمية.

  • التكاثر (Reproduction):

جميع الكائنات الحية تتكاثر مكونة أفرداً جديدة من نفس النوع بهدف الحفاظ على النوع من الانقراض بطرق مختلفة كالتكاثر الجنسي والتكاثر اللاجنسي والتكاثر بتبادل الاجيال.

  • الشكل والحجم (Form & size):

جميع الكائنات الحية لها أشكال مميزة لكل نوع وأحجام مميزة أما المواد غير الحية فهي دائماً متغيرة الحجم والشكل وقد نجد أن البللورات لها أشكال مميزة ولكن أحجامها متغيرة.

  • التركيب الكيميائي (Chemical composition):

تتكون جميع الكائنات الحية من أربعة عناصر أساسية هي الكربون والهيدروجين والأكسجين والنيتروجين مختلفة ولكن ثابته، هذه العناصر عندما تتحد مع أيونات الكربون تكون المركبات العضوية هذه المركبات العضوية بإتحادها مع بعضها تكون البروتوبلازم وهو عبارة عن المادة الحية الاساسية في النبات والحيوان.

والمواد غير الحية تتكون أيضاً من هذه العناصر كالصخور ولكنها لا تكون البروتوبلازم، وهناك بعض المواد التي تجمع بين بعض صفات المواد الحية والغير حيةفالفيروسات مثلاً يمكن لبعضها ان يكون بللورات مثل المواد غير الحية ولكنها في نفس الوقت لا تنمو الا على خلايا حية.

  • الحركة (Locomotion):

لا يتحرك الجماد من تلقاء نفسه بل يحتاج لمؤثر خارجي ليغير حالته من السكون للحركة على خلاف الكائن الحي الي اذا تحرك فتكون هذه الحركة منشؤها الطاقة الداخلية.

  • الشيخوخة (Aging):

بعد إتمام نمو الكائن الحي يبدأ في الشيخوخة التي تتلخص أعراضها في تغيير سير عمليات التحول الغذائي في بادئ الامر ثم انخفاض قدرة جميع أجهزة الجسم على العمل بما فيها الدورة الدموية والتنفس والهضم كما تختل وظائف الغدد الجنسية وغيرها من الغدد الصماء وتنخفض القدرة على توليد الحرارة ويزداد ضعف العضلات وتقل حدة النظر والسمع وتقل الخلايا العصبية في الغدد الأمر الذي يؤثر في النشاط الذهني.

في العادة تبدأ الشيخوخة ببطء وتعرف في هذه الحالة بالشيخوخة الفسيولوجية (Physiological aging) وفي بعض الحالات قد تبدأ في وقت مبكر وتسمى بالشيخوخة المرضية (Pathological aging).

وتنتهي حياة الكائن الحي بـ الموت (Death):

تختلف الفترة التي يعيشها أي كائن حي تبعاً لإختلاف الأنواع وعموماً فإنه وجد ان بعض النباتات يعمر كثيراً اذا ما قورنت بالحيوانات فشجرة السرو العادية مثلاً يمكنها ان تعيش ألف سنة والسرو المكسيكي تعيش لغاية 10 آلاف سنة، فمثل هذه الحياة الطويلة لا يوجد لها مثيل في الحيوانات الا انها تختلف كثيراً فيما بينها في طول بقائها، فالاميبا تعيش من 16-20 ساعة والهيدرا لا تعيش اكثر من سنتين وديدان الارض تعيش لغاية 10 سنوات أما المفصليات (Arthropoda) فليست معمرة عادة باستثناء سرطان البحر الذي يعيش 50 سنة، وملكات النحل التي تعيش 7 سنوات وملكات النمل التي تعيش 15 سنة، وتعمر الأسماك 200-300 سنة وتعيش الضفادع 10-15 سنة، والزواحف عادة تعيش 10-30 سنة ولو ان بعض الزواحف يصل عمرها لـ 300 سنة ويمكن للدجاجة المنزلية ان تعيش 15-20 سنة والنسر 70 سنة والبجع 100 سنة والببغاوات 140 سنة والثدييات الصغيرة كالفئران 2-4 سنوات والارانب 5-7 سنوات والاغنام 20 سنة والماشية 25-40 سنة والخيل 40-50 سنة والفيلة حوالي 90 سنة، ومتوسط عمر الانسان حوالي 60 سنة.

فبعد انقضاء عمر أي الحيوان تنتهي حياته بالموت الذي يمكتن تقسيمه لموت إكلينيكي (Clinical death) وموت بيولوجي (Biological death)، ويشخص الموت الاكلينيكي بتوقف القلب والتنفس والجهاز العصبي وجميع الاعضاء الهامة عن العمل تماماً، ثم تستمر بعد الموت الاكلينيكي (الموت السريري أو الموت الطبيعي) بعض العمليات الحيوية فالآلياف العضلية ممكن أن تؤدي وظائفها لبضع ساعات بعد الموت الاكلينيكي كما قد تستمر الشعر والاظافر في النمو لعدة أيام، أما الموت البيولوجي فيبدأ بعد أن يتوقف النشاط الحيوي لجميع أجزاء الجسم تماماً.

في أمان الله