تغيير خصائص المواد باستخدام طبقة رقيقة هو مجال حيوي ومهم في الكيمياء وعلوم المواد، ويعتمد على مبدأ أساسي يتمثل في إضافة طبقة رقيقة جدًا (عادة بسمك النانومتر) على سطح المادة الأصلية لتغيير خصائصها الفيزيائية أو الكيميائية. هذه العملية تُستخدم لتحسين أداء المواد أو لتزويدها بوظائف جديدة تساهم في استخدامات متعددة تشمل الصناعة، والطب، والطاقة، والإلكترونيات.

بدايةً، يتم وضع الطبقة الرقيقة على سطح المادة باستخدام تقنيات متقدمة مثل الترسيب البخاري الكيميائي (CVD) أو الترسيب البخاري الفيزيائي (PVD)، أو باستخدام الطلاء بالدوران (spin coating). بعد ذلك، تتفاعل الطبقة الرقيقة مع سطح المادة الأصلية، حيث قد تُكوّن روابط كيميائية أو تتفاعل بقوى فيزيائية، ما يؤدي إلى ظهور سطح جديد بخصائص مغايرة للمادة الأساسية.

تؤدي الطبقات الرقيقة إلى تغيير ملحوظ في الخصائص الفيزيائية للمادة، ومن بين تلك الخصائص التي يمكن تحسينها نجد التوصيل الكهربائي، حيث يمكن وضع طبقة من المواد الموصلة على سطح المادة لجعلها أكثر توصيلًا للكهرباء. كما يُمكن للطبقات الرقيقة أن تمنح المادة مقاومة أكبر للتآكل، حيث تعمل كحاجز يمنع الأكسدة أو التآكل الكيميائي. بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم الطبقات الرقيقة لتحسين التفاعلات الكيميائية، مثل تحسين أداء المواد المحفزة عبر إضافة طبقة من المعادن النبيلة مثل البلاديوم، مما يزيد من فاعلية التفاعلات التحفيزية، مثل الهدرجة. من جهة أخرى، يمكن للطبقات الرقيقة أن تغيّر خصائص المادة في التفاعل مع الضوء، حيث تُستخدم مثلاً في الطلاءات المضادة للانعكاس التي تُطبّق على الزجاج أو العدسات لتقليل الانعكاسات الضوئية، مما يجعلها أكثر شفافية.

تجد هذه التقنية تطبيقاتها في العديد من المجالات. في مجال الخلايا الشمسية، تُستخدم الطبقات الرقيقة لتحسين كفاءة امتصاص الضوء، مما يزيد من إنتاج الطاقة. في المجال الطبي، تُستخدم الطبقات الرقيقة لتقليل التفاعلات غير المرغوب فيها بين المواد الطبية والجسم البشري، مثل الطلاءات المضادة للبكتيريا على الأدوات الطبية. كما تُستخدم أيضًا في صناعة الزجاج المضاد للانعكاس، الذي يُستخدم في الشاشات والعدسات لتحسين وضوح الرؤية وتقليل التوهج.

يمكن تفسير التغيير في خصائص المواد بسبب الطبقات الرقيقة من خلال التفاعلات الكيميائية التي تحدث على السطح، حيث تحتوي الطبقات الرقيقة على عناصر أو مجموعات وظيفية تتفاعل مع المادة الأساسية، مما يُغيّر من تركيبها الكيميائي. كما أن الخصائص النانوية للمواد تُظهر سلوكًا مختلفًا عن المواد التقليدية عند وضعها كطبقات رقيقة، مما يجعل هذه الطبقات وسيلة فعّالة لتغيير خصائص المواد الأساسية.