لقد انشغل العلماء قديما وحديثا رغم اختلافاتهم الفكرية والدينية واختلاف حروف لغاتهم بقضية الحروف والأرقام والربط بينهما باعتبار أنهما كفتى الميزان العلمي والمعرفي للناس جميعا ولا تقدم حقيقي بدون كل منهما والربط بينهما سوف يكشف للبشرية دون شك الكثير من الحقائق والأسرار في الحياة ولكن الربط بينهما ما زال بعيد المنال ومحل جدال وخلاف ما بين المشرق والمغرب وللأمانة العلمية لابد للباحث الجاد الذي يريد وصولا للمعرفة العلمية المؤكدة في هذه والقضية لابد أن يبتعد في بحثه عن أهوائه ومآربه الخاصة وأن يتخلى عن نظرته السطحية والضيقة حتى يرى الأشياء أفضل ولديه ما يليق من العلم والفهم والتدبر العميق والإدراك العام لأهمية هذا الأمر وخطورته في الحياة ولابد أن يسأل نفسه لماذا لم يصل العلماء رغم كل هذا التقدم لربط الحروف بالأرقام ربطا علميا رغم أن الربط بينهما هو الشيء الطبيعي والمنطقي باعتبار أنهما كفتي الميزان العلمي والمعرفي منذ وجود البشر علي الأرض والإجابة العلمية المجردة لابد للباحث الجاد الذي يريد الوصول لهدفه لابد أن يكون معه مرشـدا خبيرا وهاديا بصيرا يهتدي بهداة في متاهة كهف الأرقام والحروف حتى لا يتوه أو يضل طريقه ولن يجد العلماء هاديا بصيـرا لهم وعليما خبيرا يهديهم في متاهة كهف الأرقام والحروف سوي كلام الله القرآن الكريم والمتأمل فيه بعمق سوف يصل إلى مراده ولقد ذكر الله لنا في كتابه آيات من نفس حروف كلامنا وذكر فيه العديد من الأرقام المعروفة لدينا ليس على سـبيل العرض أو التسلية وإنما لكي تفهم الإنسانية مراد الله تعالى من هذا الكلام ومن هذه الأرقام وأن الأرقام والحروف ككل الأشياء لها محور بداية ونهاية وأن الكمال المطلق هو لله وحده سبحانه وتعالى وإذا وقف الإنسان علميا على هذه البداية والنهاية فقد انكشفت له أشياء كثيرة كانت ولا تزال محل جدال وخلاف بين العلماء وإذا اختلط عليه الأمر فلن يصل إلى مراده ومن يقرأ الحروف الهجائية المعروفة سوف يجد أنها ثمانية وعشرون حرفا هي أصل كل الكلام المنطوق باللغة العربية لغة القرآن الكريم وهي علي هذا النحو التالي المعروف في واقعنا وأن الهمزة ليست من الحروف

( ا ب ت ث ج ح خ د ز ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن ه و ى ) ولقد جاء في القرآن الكريم آيات طويلة منها على سبيل المثال آية الدين في سورة البقرة ومع أنها أطول آية في القرآن إلا أنها لم يرد فيها الحروف الهجائية مجتمعة وإنما وردت في آيتين غيرها ولكنها لم ترد لنا بهذا الترتيب المعروف والمذكور في الآية الأولى يقول الله تعالى في سورة آل عمران (ثمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِّنكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الْأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لـَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقـَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَـا فِي صـدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) والآية الثانية قول الله تعالى في سورة الفتح (محَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالّـَذِينَ مَـعَهُ أَشِدَّاءُ عَـلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعـًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْـلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَا هُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَـزَرْعٍ أَخْرَجَ شطاه فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فاستويٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) ورغم أن هذه الحروف يتكون منها كلام الله القرآن الكريم الذي نقرأه آناء الليل وأطراف النهار ومنها يتكون كلامنا الذي نتكلم به إلا أن كلامنا كثيرا ما ننقده ونقدم فيه ونؤخر ونضيف ونحذف حتى نصل إلى ما نريده من جمال القول وأما كلام الله كما نقرئه ونسمعه فهو يتكون من نفس ما نتكلم به من حروف إلا انه خاليا تماما من النقد والأخطاء ولا يستطيع أحد مطلقا أن يقدم أو يؤخر أو يضيف أو يحذف منه شيئا لأنه قائم على أساس علمي دقيق مرتبط بالحروف والأرقام مما يجعله قمة في بيانه الجمالي والبلاغي والعلمي الذي لا مثيل له في الحياة وكهف الأرقام العجيب يحتاج منا جميعا إلى تفاصيل دقيقة من أجل بيانه للناس فمن السهل علينا أن نجمع رقم واثنين وثلاثة بعدة طرق مختلفة ولكن الناتج في النهاية واحد فأي من هذه الطرق يمكن لنا أن نعتبره هو الأصل الثابت لنا ونأخذه على أنه نظرية علمية وهل جمع الأرقام هو ما يشغلنا أم هو قراءة الأرقام وترتيبها للاستفادة منها أم هو ما وضعه الله تعالى في هذه الأرقام من أسرار مرتبطة بحياتنا وعلينا أن نفهمها فهما صحيحا خذ مثلا على سبيل المثال لو جمعنا (1+1 =2) و(1+2 =3) ولو تأملنا واحد زائد واحد لوجدنا أنه إحدى عشر ولو تأملنا واحد زائد اثنين لوجدنا أنه واحد وعشرون ولو أننا عكسنا الوضع لوجدنا أنها اثني عشر فهل يمكن لنا أن نغفل القيمة المكانية للأرقام عامة ونقرأ ونجمع مثلا إحدى عشر على أنها اثنين واثنا عشر أو إحدى وعشرون على أنها ثلاثة وهل إذا فعلنا ذلك سيختلف الناتج أم سيظل ثابت وهكذا نستمر بنفس هذا القياس ونغفل القيمة المكانية للأرقام ونقرأ ونجمع اثنين وعشرون على أنها أربعة وثلاثة وثلاثون على أنها ستة وأربعة وأربعون على أنها ثمانية وخمسة وخمسون على أنهـا عشرة وستة وستون على أنها اثني عشر وسبعة وسبعون على أنها أربعة عشر وثمانية وثمانون على أنهـا ستة عشر وكذا تسعة وتسعون على أنها ثمانية عشر وهكذا النظائر الأخرى من الأرقام المتشابه فهل إذا فعلنا ذلك سوف يختلف الناتج أم سيظل ثابتا وهل مع إغفال القيمة المكانية للأرقام سوف يتقبل المجتمع الإنساني هـذا الجمع الغريب عليه الذي قد يغير حياته تغييرا جذريا ويقلبها رأسا علي عقب أم سيحاول الفهم ويستفيد منه في حياته في هذا المقال دعوة عامة للحوار الجاد حول الرابط العلمي الدقيق ما بين الحروف والأرقام في إطار جديد إن الصفر الذي يوضع لنا في أول منازل الأرقام والذي عرفه الإنسان منذ وقت قصير لم يوضع في البداية من فراع وإنما وضع في البداية ليرمز للعدم الذي كان موجودا قبل هذا الخلق وهذه المرحلة من العدم لا يمكن للعقل أن يتصورها من تلقاء نفسه والصفر عند العلماء يرمز للاشيء ولكن وجوده في الحياة شيء آخر وهو ملء الفراغ الموجود بين الأرقام لحفظ الترتيب فيما بينها وإضافته إلى غيره يدلل بشكل علمي وواقعي على الوجود والعدم الذي هو أصل كل شيء في الحياة فموت الإنسان وغيره من الكائنات الأخرى دليلا على ذلك والنوم الذي يغلب الإنسان ويجعله يغيب عن وعيه كالميت دليلا على ذلك والعرق الذي يسقط من جبينه ويمسحه بيده والدمعة التي تسقط من عينيه والظفر الذي يقصه من أطراف أصابعه وخصلة الشعر التي يقصها من شعره وغيرها من الأشياء دليلا علميا على الوجود والفناء الذي هو يحوي كل شيء في الحياة وهو سر أسرارها واستمرارها ومن هذا العدم يبتدئ الخلق والتكوين وكل ما يعرفه الإنسان عن الخلق والحياة هو مرتبط بالحروف والأرقام بغض النظر عن اختلافات البشر في لغاتها تماما كوحدة الناس حول أدوات البحث العـلمي ونتائجه العامة التي لا خلاف عليها ما بين الناس جميعا وانطلاقا من هذا وبناءا عليه سوف يتضح لنا أن كل ما نعرفه من أرقام يكمن في رقم (19) تسعة عشر وأن الإعجاز الذي نراه مثيرا في دائرة الأرقام هو من أسرار خلق السماوات والأرض في ستة أيـام فاهتم الناس فقط وانشغلوا بالأرقام وفصلوها عن حروف الكلام وهما معا أساس بناء دائرة الحياة وكلام الله قد جاء مؤكدا ذلك ففي سـورة المدثر يقول الله تعالي (عليها تسعة عشر) وقد جعل الله هذا الرقم بالذات هو فتنة للبعض وثباتا للبعض الآخر وقد ارتبط بالذكري والنذير للبشر وبدورة القمر وبالتقدم والتأخر وهذا أمر مثير للاهتمام والتساؤل إذ كيف يمكن لرقم بعينه أن يكون مصدرا للذكري لنا وللفتنة وللتقدم والتأخر إلا إذا كان أساسا أصيلا في نهضة الحياة وها نحن في أدق التصورات العلمية للحياة مشوهين فكريا فهل يمكن علميا أن يصحح لنا هذا العدد المعجز الميزان العلمي لحياتنا ويغير تصوراتنا المتناقضة للحياة ونقف أخيرا علي الرابط العلمي بين الحروف الأرقام بشكل صحيح فلا نتصور الواحد الذي ليس كمثله شيء وهو الأول والأخر والظاهر والباطن هو جزءا من رقم مماثل له بينما هو علميا ودينيا أساس كل الأرقام فيؤدي بنا هذا الخلل كما هو حالنا للوقوع في الاعتقادات الخاطئة ولن تنضبط لنا عملية الإبداع العلمي ما لم تتواجد نفس ذات الأعداد والحروف التي قد ألفت لنا المعادلة الأولى للخلق لأنها في ذاتها هي أساس المنهج العـلمي للحياة وعليها خلق الله السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وخلق الموت والحياة ولا فهم لنا لهذه الحياة إلا بالعلم ولا معـلم لنا فيها غير الله ولقد قال الله في سورة العلق (أقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق أقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ) فكيف نقرأ ونجمع كل الحروف والأرقام في دائرة بشكل علمي دقيق كما نقرأها الآن بشكل علمي دقيق ...؟