قبل أيّام كنت في محاضرة طب سريرية، وكان الطبيب قد ذرَّف على الستيّن والشيب قد غزا مفارقه، لم يكن هذا الطبيب يتقبّل الطرق "الحديثة" في الفحص السريري، وكان متمسّكًا بالتقاليد القديمة.

عندما يحاول أحدنا أن يفحص مريضًا مطبقًا طريقة تعلّمها من الأطباء الأجانب على يوتيوب، تبرق عيونه في تحدٍ، ويخبرنا أن لو فعلناها أمامه يوم الأمتحان لخرجنا منه بخفّي حُنين.

أكنّ كامل الأحترام لهذا الطبيب، فهو يملك من سني الخبرة ما تفوق سنين عمري ضعفين، لكنّ ذلك اليوم ذكّرني بمفهوم قد طرحه الفيزيائي ماكس بلانك. الذي كان يملك نظرة تشاؤمية حول تقدّم العلوم، فقال:

الحقائق العلمية الجديدة لا تشيع في الناس بسبب انتصار عالم على قرينه في نقاش علمي، فيرى الخاسر النور ويُذعن للحقائق، إنما تشيع عندما يموت هذا القرين، ويأتي جيل جديد صالح لتقبّل هذه المعلومة.

بحسب بلانك، فأنّ العلوم الجديدة تتقّدم عندما يموت العلماء القُدامى، وبعبارة عامّية: العلم يتقدّم بزيادة الجنائز وتتابعها.

بحثتُ عن هذه النظرة التشاؤمية، كيف يعاملها الغرب وهم على ما هم من تصديق العلم وتقديسه؟

وجدتُ فريقين، فريق يُشكّك بما قاله بلانك، ويقول أنّ العلماء هم أقل من بقية الناس تأثّرًا بالانحيازات التأكيدية، وأنّه على مدار التأريخ، الأفكار الحديثة هي التي تتحمّل عبء الإثبات، فيتأخّر شيوعها لهذا السبب، فيكون من الطبيعي أن يموت العلماء إلى أن تتأكّد.

الفريق الثاني يقول أنّ العلماء كالناس، ينحازون لأفكارهم ولا يتخلّون عنها بسهولة، ووجدت هذا الفريق يدافع عن نفسه بدراسة مثيرة للاهتمام، ففي 2019 ظهرت ورقة بحثيّة أمريكية، ملخّصها أنّ المساهمات البحثية للفريق العلمي تقلّ بعد موت عالمها المُبرّز "النجم" بينما تزداد المساهمات من العلماء الآخرين الذين لم يكونوا في فريقه، إذ لم يكن هؤلاء يرغبون في تحدّي الفريق العملي ونجمه عندما كان حيًا.

في أيّ فريق أنتم؟