حقيقة زواج النبي (ص) من عائشة :
ينقل لنا الأئمة الفقهاء والشيوخ (الكهنة) بعض التفاهات والخزعبلات التي لا يتقبلها لا المنطق ولا العقل إطلاقا ، واحدة من هذه الخرافات هي زواج النبي عليه الصلاة والسلام من عائشة رضي الله عنها وهي بنت 6 سنين وكانت تلعب بالعرائس (الدمى) ودخل بها وهي بنت 9 . وذلك إرضاءا لإلاههم (البخاري) الذي لا يخطئ في وجهة نظرهم وكذلك لإرضاء شهواتهم الجنسية الخبيثة . فهم الوحيدون الذين نراهم يطبلون لإغتصاب القاصرات وهم من يتزوجون البنات الصغيرات .
أولا هذه القصة تخالف القرآن الكريم جملة وتفصيلا ويمكن توضيح أنها فكرة شيطانية والرد عليها ببعض الآيات القرآنية فقط يوضح جهل المطبل لها ، ومع ذلك سنحاول أن نوضح أخطاءهم من نفس المصادر التي أخدوا منها هذه التهمة الباطلة على رسول قال عنه رب العالمين إنه على خلق عظيم ، وجميعنا نعلم قصة زواجه وهو في ريعان شبابه بخديجة (رضي الله عنها) وهي تكبره ب 15 سنة ولم يلتفت للفتيات الصغيرات ولا للواتي هن قريبات من عمره عليه الصلاة والسلام .
بالرجوع لأمهات الكتب من كتب السيرة والتاريخ مثل سير أعلام النبلاء ، تاريخ الطبري ، تاريخ دمشق ، تاريخ بغداد ، البداية والنهاية والإصابة لإبن حجر ... كلها تتفق على أن الفرق الزمني بين عائشة (رضي الله عنها) وأسماء (أختها،ذات النطاقين) ابنتا أبي بكر هو 10 سنوات .
وهذه المصادر تؤكد أن أسماء ولدت قبل الهجرة للمدينة ب 27 عام ، حسابيا تكون عائشة ولدت قبل الهجرة ب 17 سنة ، أي قبل البعثة ب 4 سنوات وهذا ما يؤكده كتاب تاريخ الأمم والمماليك للطبري إذ يقول أن بنات أبي بكر الأربعة - من زوجتيه الإثنتين - كلهن ولدن أيام الجاهلية وقبل البعثة النبوية .
بعد مرور عشر سنوات في مكة تزوج النبي (ص) من عائشة وهي بنت 14 عاما (4+10=14) ، وكما هو معلوم فقد دخل بها النبي (ص) في المدينة بعد 3 سنوات وبضعة أشهر وكان ذلك في نهاية السنة الأولى من الهجرة ، حسابيا يتضح أن عمر عائشة رضي الله عنها كان بين 17 و18 سنة وليس كما يدعي الكهنة بأنه 9 .
يمكن التأكد من عمر عائشة بالرجوع لتاريخ وفاة أختها أسماء سنة 73 هجرية وكانت تبلغ من العمر 100 عام كما تؤكد المصادر التاريخية السابقة ، وكذلك حساب عمر عائشة مقارنة بعمر فاطمة الزهراء بنت النبي (ص) رضي الله عنهما . وكلها تؤكد أن عائشة ولدت في الجاهلية وتزوجت النبي (ص) وهي تبلغ 18 سنة .
المصيبة أنه في كتاب البخاري نفسه يوضح أن قصة زواج النبي من عائشة وهي بنت 6 -كما زعم- قصة مكذوبة وباطلة ، لأنه في باب جوار أبي بكر في عهد النبي ، أن عائشة قالت : لم أعقل أبواي قط إلا وهما يدينان الدين ... وهذا قبل الهجرة للحبشة ، والهجرة كانت عام 5 بعد البعثة والبخاري يقول أن عائشة ولدت عام 4 بعد البعثة فكيف يكون هذا منطقيا وعقلانيا ؟ إلا إذا كانت عائشة تعقل وهي رضيعة ؟ وهذا ضرب من الجنون والغباء .
هنا يظهر تناقض روايات البخاري مع بعضها البعض ، وهذا بدون الرجوع لسند الرواية وللراوي هشام بن عروة الذي تبث أنه مدلس وكل هذا في كتاب ابن حجر (هدي الساري) و(التهذيب) .
ماذا قال التنزيل الحكيم في زواج (اغتصاب) الصغيرات ؟
وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا .
وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ.
سن النكاح هو السن الذي عندما يبلغه اليتامى فيصبح لهم الحق في أخد أموالهم ، فالله عز وجل ربط الزواج بسن إرجاع الأموال لليتيم لذلك من المستحيل أن يأمر الله عز وجل بزواج الصغيرات ، وبما أن القرآن متعاضد ويفسر بعضه بعضا لنرى ماذا يقول رب العرش الكريم :
وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۚ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا .
وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ .
نرى هنا أن بلوغ الأشد يكون بعد تجاوز تسمية اليتيم ، واليتيم تطلق على من توفي أبوه ولم يصل لمرحلة البلوغ ، فكيف يتم تزويج من لم تبلغ شرطا مهما من شروط الزواج ؟.
الشرط الاخر وهو الرشد ، والرشد هو سلامة العقل من الخلل وليس للرشد سن معين لأنه حالة (متحركة) غير تابثة ، وتم وضع هذا الشرطين للحد من زواج الصغيرات لأن الصغير لا رشد له سواء كان ذكرا أو أنثى . أنا أسأل الكهنة لماذا لم نرى ذكورا صغار يتزوجون ؟ ما المانع من ذلك ؟ أم زواج الصغار للإناث فقط ؟.
الزواج مسؤولية عظيمة تحتاج لأشخاص ناضجين وعاقلين والغاية منه الأولاد والنسب والصهر { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ } { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا } ، كيف تريد أولادا من زوجة عمرها 6 سنوات ؟ والكارثة هي أن الفقهاء أباحوا إغتصاب الصغيرات وبعضهم قال تزوج الفتاة ولو في المهد ، وبعضهم قال ما هو أعظم من هذا .
نأتي لمصيبة أخرى وهي تفسير الفقهاء الكارثي لآية :
- وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا .
أجمع المفسرون أن {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ } هن الفتيات الصغار اللائي لم يبلغن سن الحيض وهذا مخالف للفطرة الإنسانية وللمقاصد الإلهية .
كيف للمفسر أن يقول أن الصغيرة يدخل بها وتطلق وهي لم تحض ؟ هذا هراء وكلام فارغ . ما الهدف من الزواج قبل الحيض ؟ وكيف يكون هذا الطلاق ؟.
أجمع الفقهاء والمفسرون أن شروط الدخول بالصغيرة هو الإطاقة وبلوغ 9 سنوات أو السمنة ، هل هؤلاء أناس عاقلون ؟ والجهالة هي أن تدافع عن هذه التفاهات الفقهية . ألم يقرأ المفسرون { وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا } ؟ وكيف يتخيل الناس أن الرسول عليه الصلاة والسلام يخالف ما أنزل إليه من ربه ؟.
كل هذه الأشياء هي هرطقات لأناس اجتهدوا فأخطئوا ، ومن يدعوا لإغتصاب الصغيرات فهو مريض جنسيا (بيدوفيل) .
أسامة فاخوري .
باحث ومفكر إسلامي .