النخوة بين الماضي والحاضر: كيف تغيرت القيم؟

لطالما كانت الرجولة مقرونة بالنخوة والشهامة، فحتى مشركو قريش في جاهليتهم كان لديهم حدٌّ أدنى من الأخلاق يمنعهم من انتهاك ستر النساء أو الاعتداء عليهن بوحشية، رغم أنهم كانوا أشد الناس عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك، نرى في زمننا هذا من يظن أنه يملك الحق في الاعتداء على زوجته أو أخته أو ابنته، متذرعًا بحجج واهية لا تبرر ظلمًا ولا عدوانًا.

أبو جهل وأسماء: موقف يكشف التناقض

عندما صفع أبو جهل السيدة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، انتفض بعدها مرتعبًا مما فعل، وكأن الفطرة السليمة داخله نبهته إلى بشاعة ما ارتكبه. أما حين أراد المشركون اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم، رفضوا اقتحام بيته حتى لا يُقال إنهم انتهكوا ستر بنات محمد، لأن ذلك كان في عرفهم عارًا لا يُغتفر، رغم أنهم لم يكونوا مؤمنين بالإسلام بعد!

واليوم، نرى بعض المسلمين يبررون الاعتداء على المرأة وكأنه حق مكتسب، متناسين أن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه قال: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" (رواه الترمذي).

الحق حق وإن قل أتباعه

القيم لا تُقاس بعدد من يطبقها، فالحلال حلال وإن تركه الناس، والحرام حرام وإن فعله الجميع. لو عاد رجل من زمن الجاهلية إلى 2024 ورأى بعض المسلمين يبررون العنف ضد المرأة، لظن أنهم يعيشون في عصرٍ أكثر جاهلية من زمانه!

ماذا نعلم أبناءنا؟

نعلمهم أن المرأة كرامة، وأن الإسلام لم يأتِ ليعزز قيم الجاهلية بل ليصلحها.

نعلمهم أن الرجل الحقيقي ليس من يفرض قوته على امرأة ضعيفة، بل من يحميها ويرعاها.

نعلمهم أن من صفع زوجته أو أهانها، فقد خالف وصية النبي صلى الله عليه وسلم، وانحرف عن درب الرجولة الحقة.

الخاتمة: استعادة الرجولة الحقيقية

الرجولة ليست في الصوت العالي، ولا في اليد التي تُرفع على امرأة، بل في القلب الذي يملؤه الرحمة والخلق الرفيع. إن كان مشركو قريش قد رفضوا اقتحام بيت رسول الله حياءً من النساء، فكيف بنا نحن الذين نحمل رسالة الإسلام؟ متى استيقظت ضمائرنا، وفهمنا أن النخوة ليست شيئًا من الماضي، بل مبدأ يجب أن نحمله ونربي عليه أبناءنا؟